الأربعاء، 18 مايو 2011

رحيق المنابر (((( 11))))



رحيق المنابر
(((( 11 ))))
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد:
(قال تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ) الانفال
ورد لفظ التنازع في القرآن الكريم في سبعة مواضع والفشل في اربعة مواضع ، وورد اللفظان معا في ثلاثة مواضع :
والناس اليوم اصبحت بضاعتهم التنازع ومسيرهم الفشل :
ومادام الله نهي عن التنازع فينبغي أن نمنع أسبابه، وهي كثيرة جدا ومنها:
* إختلاف الرأي . اما مقولة( إختلاف الرأي لا يفسد للود القضية) فصحيحة ولكن غالبا التعصب للرأي يجعل الود ضحية .
* الحرص على المصالح .
* إتباع الهوي.
* الإنتصار للرأي .
* العصبية للعشيرة والأهل .
* محبة تصدر المجالس .
* التكبر وإحتقار الناس .
*عدم مراعاة رباط الأخوة الإيمانية .
* كثرة الجدال والمراء في المجالس.
* كثرة الكلام وقلة العمل .
* التشهير بالناس .
* رفع الأسعار والأثمان الخاصة وتضخيم النفس .
* التعصب للإمكانيات والمفاهيم. فمن كان من أهل العلم يريد الناس أن تمضي في هذا الطريق، ومن كان من حملة راية الجهاد يريد الأمة بأجمعها أن تتفرغ لهذه الفريضة، ومن كان من أهل الدعوة يريد الناس أن تهتم بالخروج فقط، وهكذا كل واحد ينزع الى جانبه ويتشدد في النزع حتي يكاد يقطع كل حبال الود ووشائج الأخوة ، ويظن أنه سوف يقيم الدين وينصر الأوطان ويخدم العباد ويرضي الرحمن بقناعاته التي يريد حشر الناس فيها وإلزامهم طريقته ومنهجه،
ولقد طلب منا نبينا  المصطفى- صلى الله عليه وسلم-  التآلف وترك الاختلاف فقال :          ( لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ) . وربما إتفاق علي مرجوح أولي من إختلاف وتفرق على راجح .وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( الخلاف شر ) وقال صلى الله عليه وسلم:  ( لا تختلفوا فإن من قبلكم اختلفوا فهلكوا ) .
علينا أن نعلم أنفسنا بغض الإختلاف وحب الإئتلاف ، وذالك لأسباب عديدة ومنها :
1- لأنَ الإختلاف فيه مخالفة لأمر الله.
2- فيه الفشل والضعف والهوان .
3- فيه الخوض في أعراض إخوانك المسلمين التي حرمها الله عليك .
4- هو الوصفة المعلبة  لزرع الأحقاد والضغائن .
وحق لأبي العلاء المعري أن يضيق صدره بهزل الزمان ويتمني حمَام الموت عندما رأى الموازين مبخوسة والأحوال مقلوبة فقال :
إذا عيَّر الطائـيَّ بالبخـل مادرٌ                                     وعيَّر قُساً بالفـهاهـة بـاقـلُ
وقال السُهى  للشمس أنتِ ضئيلة                                 وقال الدجي للصبح لونك حائل
وطاولت الأرضُ السماءَ سفاهةً                                  وفاخرت الشهبَ الحصى والجنادلُ
فيا موتُ زُرْ إن الحياة ذميمـة                                    ويانفس جِدِّي إن دهـركِ هازل.
ما ذا نقول عندما يعير مادر الذي عرف ببخله حاتم الندي والجود والكرم، ويسخر باقل العيي من قس إبن ساعدة الذي توج بتيجان المجد وملك فصاحة اللسان حتي عرف بأنه أخطب العرب، وعندما يقول السها وهو( النجم الخافت الضياء) للشمس في ضيائها وتوهجها انت كسيفة عليلة ، ويقول الليل البهيم للصبح المتلألئ أنت داكن اللون، وعندما تتطاول الأرض الواطية على السماء العالية، وعندما تفاخر الشهب الحصا والجنادل، فهل بقي في الدنيا امرا مستوياً ؟
ورحم الله عائشة كانت تقول رحم الله إبن الزبير كان يقول رحم الله لبيد كان يقول :
ذهب الذين يعاش فى أكنافهم                                     وبقيت في خلف كجلد الأجر.
وكان هذا  يقال في عهد الصحابة فما ذايمكن أن يقال في زماننا ؟
هذا الزمان الذي كنا نحـاذره في قول كعب وفي قول ابن مسعود
إن دام هذا ولم يحدث له غِيَرُّ لم يُبكَ ميتٌ ولم يُفرح بمولـــود
والله عز وجل قال : [وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا...) [آل عمران: 103].
فما هو حبل الله الذي ينبغي أن أن نعتصم به ؟
* قالوا هو دين الله.
* قالوا هوالجماعة.
* قالوا هو القرآن.
ونحن نعلم أنه لا يمكن أن يكون الإعتصام بعيدا عن المنهج الرباني[ٍ دين الله ] ولا يقوم الدين إلا [ بجماعة تؤمن به وتطبقه ] ولا يمكن أن تكون هناك فئة أو جماعة أو أمة تنجح وتفوز وتتقدم من غير منهج تعمل به وتجتمع عليه [ القرآن ] ، فهو دين الله الذي ضمنه كتابه لتحيي به الأمة  والجماعة والفرد  ، فهو حبل الله الذي دعانا للتمسك به والإعتصام ،
يتمسك به الفرد ويعتصم  في نفسه وأهله وعشيرته وجيرانه وبلده.
وتتمسك وتعتصم به الجماعة في أنفسها وأوطانها والعالم أجمع .
فمن إعتصم به نجا وفاز ومن إعتصم بغيره هلك وأهلك ، لأن الحبل الذي فيه النجاة  ينبغي أن نتمسك به  وأن نعض عليه بالنواجز جميعا ولا نفرط فيه ، فالحبل قد يحتاجه الإنسان في حالة عادية لقضاء حاجاته، أو يحتاجه في حالات طارئةللنجاة به ، وأمتنا اليوم تحتاج أن تتعلق بهذا الحبل للنجاة من الغرق الذي يهددها ومن الكوارس التي تحيط بها ، ولن تنجوا والخطر يقترب منها وهي تتنازع الحبل فيما بينها في أنانية لم يشهد التاريخ لها مثيلا ، وضيق عطن يكاد لأولي النهي يسبب قيحا وصديدا ،وضحالة فكر تجعل امتنا أضحوكة أمام الأمم ، فهلا كسرنا  القيود والأغلال التي تشل حركتنا وتعيق مسيرتنا وتمنع إنطلاقتنا ؟ تعالوا بنا نجتمع ولا نتفرق ونتوحد ولا نختلف ، وقد قال ـ صلي الله عليه وسلم ـ إنَ الله يرضي لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضي لكم : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، ويكره لكم : قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال ]
والذي لا يريد أن يتأمل أيات الله ـ عز وجل ـ  ولا توجيهات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ  فله في التـــــــــــــــــــــــــــــــــاريخ عبرة :
- ما سبب هوان المسلمين اليوم في ارتريا ؟
- ما سبب تمزق الصومال وتشتته؟
- ما سبب تناحر العاملين للإسلام في كل مكان ؟
ما سبب زوال دول بكاملها من خريطة العالم الإسلامي ؟
إقرؤا التاريخ ففيه العبر          ضل قوم لا يدرون الخير .
اين الأندلس ؟ ما ذا حدث لها؟ يخبرك خبرها أبوا البقاء الزندي رحمه الله .
اسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ                                         وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم                                         من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما                                     عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ                                   كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما                                فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ                              حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً                                  كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ                                     كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ                                    لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ                                         فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم                               قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ                                   وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ                                          أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ                                         أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم                                واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ                               عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ         ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ                                لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ      ياربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما                                كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ                وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ                                    إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ    يقودُها العلجُ للمكروه مكرهة                         والعينُ باكيةُ والقلبُ حيران         لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمد                      ٍإن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ.
تصور معي وضع المسلمين في ارتريا بعد قرائتك لهذه الأبيات الباكية،  لو كان قائلها ـ رحمه الله ـ عرف حال المسلمين في أرتريا اليوم هل كان يمكن أن يهدينا هذه القصيدة ؟  أترك الجواب للجميع""""""""
لكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن: عليك أن تعلم أيها الحبيب أنَ المطلوب منا اليوم هو :
ان ننسي تاريخنا .
أن ننسي دماء شهدائنا .
أن ننسي الآلاف الذين يرزحون في السجون.
أن ننسي حقوق عودة المشردين الى ديارهم ووطنهم الحبيب .
أن نتجاهل مئات الكنائس التي تبني في قرانا ومزارعنا .
أن نتجاهل تجنيد بناتنا والحاق العار بنا .
أن نتقبل منع الصلوات في معسكرات التدريب والجنود .
أن نتقبل عطلة يوم الأحد وننسي صلاة الجمعة .
أن نتقبل تنحية اللغة العربية من بلدنا .
أن نتقبل أننا نستطيع أن نتجنس بجنسات غيرنا .
أن نتقبل وأن نرضي أننا ضعفاء .
اقول لكل إخواني وأخواتي في الله  ، لقد جعل الله  في هذا الكون سنن لا تتغير ولا تتبدل ،[ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ] ولكل مجتهد نصيب .
علينا أن نجتمع حوا عقيدتنا  وإقتنع بها قناعة تستبد بنفوسنا  و أن نضحي في سبيلها بأوالنا وأنفسنا وأوقاتنا  ، ووقتها ننتظر ساعة النصر فما هي من العاميلين المتحابين بعيدة .
وينبغي بكل صدق أن نقول : كفــــــــــــــــــــــي: كفـــــــــي : كفـــــــــــــــــي :
تناحر وأحقاد وحزازيات وتفرق وشتات  وتعصب وقبليات وتفاخر وتعالي وإحتقار واعجاب بالرأي والنفس...... ، لأن هذه المخا>ي هي  [ المهلكات الأخلاقية]  وهي التي حذر منها  النبي  ـ صلى الله عليه وسلم ـ  بقوله :  ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرءبنفسه.
كلمة للمسلمين الأرتريين : أنتم اول الإسلام وحاميه وحارسه ، أجدادنا خدموا هذا الدين وبذلوا له أرواحهم وأموالهم ، وعلموا أن الطريق الوحيد لنجاتهم هو تطبيق هذا الدين في حياتهم ، وأول ما يأمر به هذا الدين وحدة العقيدة ووحدة الجماعة ، فعاشوا بنور الإيمان تحت ظلام الوحدة والأخوة ، فجاءت ثورتنا المباركة وحملت راية الكفاح ومضت في طريق التحرر والخلاص ، ولكن جاء في منتصف الطريق من ابناء هذه الأمة العظيمة من نزع منها عقيدتها وهي ( النور ) الذي كانت تسير به ، فتاهت في وسط الظلام الحالك واتجه كل واحد الى هاوية سحيقة يظن فيها النجاة وتوجه البعض الى سراب تخيله ماء ، ووصل بنا الأمر اليوم الى ما نحن فيه  من التيه والهوان ، ولا قيمة لنا ولا عزة ولا كرامة إلا بتوحيد الله ووحدة صفوفنا ومؤسساتنا وقبائلنا وتقع المسئولية على عاتق العلماء وأسال الله أن يوفقنا لجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم  .
واسال الله للجميع التوفيق والسداد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم / محمد جمعة أبو الرشيد .

رحيق المنابر ((((14))))


رحيق المنابر ((( 14 ))) المسلم في الغرب والحلال الطيب :


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
المسلم في الغرب والحلال الطيب :
ما رايت فى الغرب مسلما الا وهو يجتهد أن يكون اللحم الذي يأكله حلالا، بل تجد قوائم أرقام تحذرك من شراء الأصناف التى تشتريها بسبب أنها توجد فيها إضافات محرمة مثل شحم  الخنزير او الكحوليات أو غيرها، وهو أمر يسر اي مسلم غيور على دينه ، لأ نَ الله عز وجل أمرنا في كتابه الكريم وقال :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
والحلال هو: الطيب النافع الذي خلقه الله لعباده وأباحه لهم والحرام هو : الخبيث الذي حرمه عليهم ونهاه عنهم ، فهو سبحانه وحده يعلم ما يصلح صحتنا وما يفسدها ، ولذالك هدد الله وتوعد  الكذابين المفتريين على أحكام الله تعالى ، سواء كان تشديدا أو ترخيصاهددهم بتوجيه سؤال خطير اليهم ( وما ظن الذين يفترون على الله الكذب ) ونحن قد إبتلينا في الغرب بأناس كل واحد منهم يتوج رأسه بعمامة المفتين وينصب له منبر إفتاء ، ويصدر أحكاما إما يغالى فيها لأنها تناسب هواء أو يترخص فيها لأنها تحقق مصلحته ، والأمر عندنا معاشر المسلمين شرع منضبط بكلام الله ورسوله فلا يحق لأحد من الناس أن يحرم أو يحلل بهواه ، بل نأكل ( ما أذن الله به )   ( قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ. وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ ) ( يونس ).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحلال ما احل الله في كتابه ,و الحرام ما حرم الله في كتابه و ما سكت عنه فهو مما عفا عنه.)
التناقض العجيب:
تجد هذا المسلم الذي يتورع عن أكل الطعام الحرام ويحتاط لدينه تجده ( كأنه حاطب ليل ) لا يميز أو لا يرغب أن يميز بين أن تكون حزمة الحطب التي بين يديه أهي أخشاب أم ثعابين، فتجده يغض الطرف عما جمعت يداه وحوي جرابه ، وأنا اقول هذا من خلال تجربة في حقل الدعوة الإسلامية ( في اروبا )  إمتدت لفترة لابأس بها في ساحة الدعوة والإفتاء ، وتقريبا لا يمر على يوم من غير أن يستوقفني مستفت أو يتصل على سائل أو يبحث عنى محترق متوتر .
ولست أنسي إمرأة مسلمة كا نت تسكن في قريتنا التي نسكن فيها ، وكانت تتجشم الصعاب وتمشي المسافات الطوال لشراء ( اللحم الحلال )، وكانت في بيتها لا تطبخ إلا لحما انتفت عنه أية شبهة تحرمه ، وفي نفس الوقت كانت تعيش تحت عصمة رجل نصراني وتلبس ملا بس فاضحة وكاشفة، وقد علمتني دروب الدعوة أن يكون مدخلى مع المدعوا من خلال الجانب الإيجابي فيه ، فكنت أشكرها على حرصها في أكل الطيبات ، وعموما كان هذا الحبل الممدود مع الله رباط خير جعلها تفكر على مزيد من الإلتزام .
أنوار الإيمان وإحتيالات الشيطان :
أعرف شبابا متدينا يعيش في الغرب يدير معارك كبيرة مع المتهاونيين على  التمسك بالهدي الظاهر للنبي ، وحسنا فعلوا, لأنهم للتفريط في خير الهدي غضبوا ،وبفريضة الأمر بالمعروف ذكروا ،وبالنهي عن المنكرجهروا  ، ولــــــكن في نفس الوقت تجدهم للأسف يتهاونون ويترخصون بل يستبيحون طرقا غريبة ومشبوهة للحصول على المال ، وهم الذين يقرؤون ويعلمون الناس حديث النبي – صلى الله عليه وسلم         { الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات } ، فكيف بالله عليك أيها العارف بأحكام الله تنغمس في الشبهات وتحوم حول حمي والمحرمات؟ .
كلمتي ليست لمن حاصرتهم القوانين ولفظتهم الجالية المسلمة .
قد لا يصدق القارئ البعيد عن واقنا إذا علم أن بعض من نصب نفسه مفتيا للناس ، كان يفتي لهم بإباحة مال الكفار ويجوز لهم السرقة ، وقد ترتب على هذه الفتاوي أن يشوه الإسلام من خلال القبض على فتيان وفتيات وهم في حالة تلبس بالسرقة ، وكان يصلي معي في المركز بعض هؤلاء ، ويحاولون جمع الشباب حولهم والتاثير عليهم ، ولكن الحمد لله حاصرتهم القوانين بقيودها ولفظتهم الجاليات المسلمة ، فتراجع الكثير منهم وخفت صوتهم وقل تأثيرهم ، فو كان الكلام مع هؤلاء لكان تقطيب الجبين أقل انكماشا وحرقة القلب اقل إتقادا ، ولكن ان تقع هذه التجاوزات من شباب يحملون نور القرآن وضياء السنة وسمت السلف الصالح لهو أمر يدعوا الي العجب والإندهاش ،
تجد في أفراد الجالية وقد يكون ممن يعلم القرآن أو يقف فى منبر ، تجده مثلا يعيش هو في مكان وزوجته وأولاده في مكان وذالك من أجل الحصول على مزيد من أموال الدعم الإجتماعي ، قد يقود سيارته من غير رخصة أو تأمين ،و قد يتقاضي أموالا من الضمان الإجتماعي بحجة عدم الحصول على عمل بينما هو يعمل سرا ( عمل أسود).
صلاح القلب مرتبط بطيب المطعمومات
مما لا شك فيه أن هناك علاقة وثيقة بين صلاح القلب وفساده، وبين طعام العبد وكسبه، فإن الكسب إذا كان حرامًا، فإن القلب يفسد بهذا، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: (الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات)عقب بقوله: ألآ وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". والقلب هو الملك والمحرك والقائد، والأعضاء رعيته وأتباعه، وهي تصلح بصلاح القائد، وتفسد بفساده.
قال المناوي: "وأوقع هذا عقب قوله: "الحلال بيِّن" إشعارًا بأن أكل الحلال ينوره ويصلحه، والشُّبَه تقسيه".
التحذير من أكل الحرام:
نهى الشرع المطهر أتباعه عن أكل الحرام، سواء كان هذا المأكول أموالاً وحقوقًا للناس، أو طعامًا حرم الله تناوله، وفي ذلك يقول الله عز وجل: (وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [البقرة].
وقد جاء في تفسيرها عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "هذا في الرجل يكون عليه مالٌ وليس عليه فيه بينة، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام، وهو يعرف أن الحق عليه، وقد علم أنه آثم، آكل حرام".
وقال قتادة رحمه الله :اعلم يا ابن آدم أن قضاء القاضي لا يحل لك حراما ، ولا يحق لك باطلا ، وإنما يقضي القاضي بنحو ما يرى وتشهد به الشهود ، والقاضي بشر يخطىء ويصيب، واعلموا أن من قضي له بباطل أن خصومته لم تنقض حتى يجمع الله بينهما يوم القيامة فيقضي على المبطل للمحق بأجود مما قضي به للمبطل على المحق في الدنيا.
أكل الحرام والدعاء
إن لطيب المطعم أو خبثه أثرًا مباشرًا في قبول الدعاء، فإن كان العبد يتحرى أكل الحلال الطيب فإن دعاءه أقرب إلى القبول والإجابة، أما إن تجرأ على أكل الحرام فإنه يضع بذلك الحواجز والعوائق والسدود  بين دعائه وبين الإجابة والقبول.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا) [المؤمنون] وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة] ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟"[رواه مسلم].
الأكل الحلال سبب لقبول الدعاء والعبادة ، كما أن الأكل الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة ، فقد قال ابن عباس رضي الله عنه: "لا يقبل الله صلاة امرئ في جوفه حرام ، ويقول وهب بن الورد: "لو قمتَ مقام هذه السارية لم ينفعك شيء حتى تنظر ما يدخل في بطنك حلال أو حرام".
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا :
حسبنا الله ونعم الوكيل ، تجد مسلم يتعاطي الخمر مع كافر فإذا قال له : أليس شرب الخمر في دينكم حرام ، قال: عادي!!!!! وإذا قال له تعال كل معي الطعام قال له : لا أنت كافر ولا يجوز لنا نأكل لحم الكافر ، هذا اشبه بحال الرجل الذي زني بإمرة ثم ذهب الى امام المسجد يقول له : أن في ورطة وحيرة من امري ، فقد زنيت وحملت المرأة وأنا الآن في فضيحة ، فقال له الشيخ : أيها الأحمق ما دام ابتلاك الله بهذه القاذورات ، لمَ لمْ تعزل ؟ فقال له : إمام مسجنا يقول: العزل مكروه!!
مشكلة واحد يؤلمه رأسه يحك رجله  .
المال حسابه حلال وحرامه عقاب :
المال هو قوام الحياة ، وقد أولاه الإسلام أهمية كبيرة في التشريع الإسلامي ، فأوجب كسبه بالحلال وصرفه في المستحق له ، ونهي عن الإسراف فيه والتبذير، ونصب الموازين يوم القيامة للحساب عليه ، فقد قال – صلي الله عليه وسلم ( لن تزول قدما عبد حتي يسأل عن أربع، عن شبابه فيم ابلاه، وعن عمره فيم أفناه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه،وعن علمه ماذا عمل به ) فسوف تسأل وتقف أمام الله يسألك عن كل فلس كسبته وأنفقته ، فإن كان حلالا حوسبت فيه وقد قال النبي – صلي الله عليه وسلم لعائشة : يا عائشة من نوقش الحساب عذب، أما إن كان المال من حرام فسوف تعذب وتكوي به .
إخواني في الله الصبر على الفقر أفضل من البكاء في النار ، فلا نحتال على الله فهو علام الغيوب ، وتحايلك على القوانيين لا يمكن أن يحل لك حراما ، فأتقوا الله إخواني ولا تدخلوا الحرام في جوفكم بتأويلات فاسدة  فكما قال عليه الصلاة والسلام :    (فيما رواه كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَ كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ) صححه الألباني )

رحيق المنابر (((( 13))))



الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
قال الله تعالى (إِنَّ ا لْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات وَنَعِيم فاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ا لْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُر مَصْفُوفَة وَزَوَّجْنَاهُم بِحُور عِين وَا لَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِم مِن شَيْء كُلُّ امْرِئ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ  وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَة وَلَحْم مِمَّا يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ا لْبَرُّ الرَّحِيم) سورة الطور
أيها المؤمنون قبل الشروع في الموضوع أرجوا  تأمل وتدبر هذه الآيات المباركة .
هي ليست قصة وإن كان قصص القرآن عبرة لأولى الألباب:
انها ليست قصة تحكي للتسلية، ولا خبرا قد وقع في مكان ما ينقل اليناعبر الأثير ، ولكنها آيات ربانية تحدثني وتحدثك عن الدار التي ينبغي أن نجتهد حتي نكون من سكانها ونزلائها ، فلو لم تكن تلك الدار جنة النعيم وكانت أحد فنادق الخمس النجوم العالمية لكان الحرص والتنافس للفوز فيها - فقط بشقة محترمة - أمرا مقدرا ومشكورا ، بل ربما لكان مكابدة الشدائد دونها والحصول عليها مجال فخر لطالبه ، فما بالك إن كانت تلك الدار هي الدار التي أعدها الله لنا وزينها .
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها       ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فإنها            منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل تري            نعود الى أوطاننا ونسلم ؟ !
وقد زعموا أن العدو إذا نآي             وشطت به أوطانه فهو مغرم
وأي إغتراب فوق غربتنا التي          لها أضحت الأعداء فينا تحكم.
من هم سكان الجنة وما صفاتهم ؟
من هم سكانها ؟  أهم العرب ؟ أهم العجم ؟ أهم البيض ؟ أم هم السود ؟ قد يكون  كل واحد من هؤلاء، ولكن الشرط  لدخول الجنة ليس باللون ولا الجنس ولا الطول ولا القصر ولا بالشرف والمنزلة  والمكانة، ولكن الشرط هو ( بما كنتم تعملون ) (كل امرئ بما كسب رهين)
إذن المتقي جزاءه الجنة ، فما معني المتقي ؟ المتقي : هو الذي تجنب الشيئ الذي يؤدي الي سخط الله وغضبه ، وهو ما نهاك الله عنه كبيرا كان أو صغيرا ينبغي أن تتجنبه ، فلا يكون الإنسان متقي إلا إذا جمع: الإيمان + العمل الصالح + إجتناب ما يكره الله من الشرك أو الفسق أو الذنوب والمعاصي ، ولن تستطيع أن تعرف الإيمان الصحيح والعمل الصالح من الفاسد وما يكره الله وما يحبه إلا إذا طلبت( العلم ) ولذالك يقول أهل الجنة ( إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ) ولن يتحقق للإنسان الخوف من الله إلا إذا عرف الله واسمائه وصفاته وعرف شرع الله من المأمورات والمنهيات .
جزاء المؤمن الصالح عند الله يوم القيامة :
يعطيك الله جنان وبساتين فيها ما لا عين رأت  ولا أذن سمعت  ولا  خطر على قلب بشر ، جنان وبساتين لا مثيل لها ،ويتسآل التقي وما في هذه الجنان؟ فيجيب الله تعالي ، جنان فيها ( نعيم ) تتنعم بكل ما يتنعم به الإنسان ، لو قلت لك الآن تعال تمتع:  لقلت لي وبماذا أتمتع ؟ أقول لك تأمل ما حوت الآية سوف تجد فيها  كل ما تريد وما تشتهي ، فعند الله نعيم لذيذ( مفكه) تجلب السرور والحبور  لأنها من رب العالمين(فاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ) ، ولكن قد يخاف المؤمن بأن يسحب منه هذا النعيم يوما ما؛  لا تخف أخي المؤمن فقد تكفل الله أنه بدخولك الجنة قد حرم الله عليك النار ولهيبها وعذابها ونكالها (وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ا لْجَحِيمِ) يا رب لك الحمد أنت المنعم المتفضل ، والله لو كنت جعلت نعيمنا في الدنيا فقط لشكرناك ولكن يا ربي أعطيتنا نعيم الدنيا وخلقت لنا فيها كل المخلوقات وسخرتها لنا، ثم أعددت لنا الجنة ونعيمها، فيارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
الدار ومحتوياتها :
بعدما ضمن المؤمن الدار ودخل فيها وجدها جمال لا يوصف وهذا ما يتمناه الإنسان في كل بيت يريد أن يسكنه ، ولكن البيت الجميل لا يكفي ما لم يتيسر للإنسان ما يقيم به اوده من ضرورات الحياة ومتطلباتها، وأهم هذه المتطلبات ( الطعام والشراب )   فقد ضمن الله لنا ذالك( جنات ونعيم ) وبعد وجود الدار والنعيم يحتاج الإنسان الي التسلية والتفكه وراحة النفس ( فاكهين بما آتاهم ربهم ).
إذن دار جميلة + طعام وشراب + تسلية وترفيه ، ما شاء الله نعم متتالية من الله، ولكن يظل الإنسان تطارده المخاوف فيخاف يسلب منه كل هذا النعيم ، فربنا جل في علاه يقول لك هذا النعيم لك وملكك ودائم لك ، فانت خالد فى الجنة والنعيم  دائم لك .
إكتمال الفرحة :
بعدما يضمن المؤمن الجنة ويجد فيها النعيم المقيم ويضمن إستمرار النعيم ، وتتبدد مخاوفه من انه لا موت ولا حرب ولا فقر ولا شقاء ولا تضييق في لقمة العيش ، تمتلأ نفسه بالفرحة والسرور والبهجة ، فتعلوا وجهه النضارة ويتكئ على سرر الجنة
وينغمس في نعيمها .
حاجات الإنسان العاطفية :
الإنسان مدني بطبعه فهو لا يستطيع العيش وحيدا مهما توفرت له كل الوسائل واللذائذ ، وأفضل من يؤنسه  هي الزوجة،  ( وزوجناهم بحور عين ) ومع انسه وتمتعه فى الجنة ونعيمها وحورها  وخمرها ولحمها وفاكهتها، يشتاق ليتواصل مع اهله الذين عاش معهم في الدينا ، ولكن أهل المؤمن  إما يكونوا على دينه فيدخلون معه الجنة  أو على خلاف دينه فتوقد بهم النار يوم القيامة . أيها المؤمن ، فإن ربيت أهلك على الدين الحنيف والعقيدة السليمة والأخلاق الحميدة كنت سبب سعادتهم ودخولهم الجنة وإن فرطت في ذالك فينطبق عليك قول الله تعالى ( ألا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة )
إختلاف المنازل :
قد يكون بعض أو كل أهلك من أهل الجنة، ولكن قد تختلف المنازل في الجنة على قدر الأعمال والإخلاص ، وهنا يكرم الله المؤمن فيرفع اليه أهله ( ألحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيئ )هذا فضل الله على الأبناء ببركة عمل الأباء ، وكذالك للأبناء فضل على الآباء كما قال صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أني لي هذا ؟ فيقول بإستغفار ولدك لك )
عدل الله تعالى معك أينما كنت :
فلا يعتقد أحد أن الإنسان ربما تنزل درجته في منازل الجنة بسبب قصور عمل اهله ودخولهم في أسفل الجنة ، فالله من فضله وعدله لا يهبطك إلى اسفل ولكن يكرمك برفع أهلك لك ( كل إمرئ بما كسب رهين )
طيب الصحبة ولين الجانب من سعادة المرء :
فالله سبحانه وتعالى ينزع من صدور أهل الجنة الغل والحسد والبغض والشحناء واللغو والهذيان والإثم والفحش والكذب والغش والخداع ، فالجنة ( لا لغو فيها و تأثيما ) ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلاقيلا سلاما سلاما )
الخدمات التي أعدها الله لأهل الجنة :
جنة بكل لذائذهاوخيراتها ويزيدك الله فيها  بمن يقوم في خدمتك ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) ، ويتذكر أهل الجنة الدنيا وإغوائها وزخارفها ، فيعلمون أن سبب نجاتهم كان في خشية الله تعالى (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ).
الدعاء من أسباب النجاة يوم القيامة :
يتذكر أهل الجنة في جنتهم أن من أسباب نجاتهم كان الدعاء والتضرع الى الله أن يدخلهم الجنة وها هم في ريا ضها يتقلوب وفي نعيمها يتمتعون وفي صحبة خير الناس يتسامرون ، وهم موعودون بزيارة( البر الرحيم) جل جلاله وتقدست اسماؤه .
إخواني في الله عندما قرأت بالأمس هذه الآيات هزتني هزا عنيفا بتأثيرها الذي نقلته لكم ، فإذا كان هذا حال أهل الجنة في آية واحدة في كتاب الله تعالى ، فكيف لو إستعرضنا حالهم في كل القرآن الكريم .
القرآن يشوق المؤمن للجنة الا فتشوقوا لها :
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم / محمد جمعة أبو الرشيد.

رحيق المنابر (((( 12))))


بسم الله الرحمن الرحيم
رحيق المنابر
(((12 )))
الصدق روح الأعمال
الحمد لله والصلاة والسلام على أكرم خلق الله سيدنا محمد إبن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )  اصدقوا مع الله واصدقوا مع عباد الله، ((فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل  يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)).
منزلة الصدق منزلة عظيمة ليس فقط في شرعنا الإسلامي ، ولكن في جميع الشرائع الربانية والقوانين الأرضية والدساتير الدولية والمعاملات الفردية والجماعية ، فالصدق هو مطابقة الكلام للواقع ،والإعتقاد الصادق، والعمل المقيد بمقتضي المطلوب، من غير زيادة ولا نقصان ،سواء عن طريق التهويل والمبالغة أو التقليل والإجحاف.
* الصدق يكافئ عليه المسلم يوم القيامة ( ليجزي الله الصادقين بصدقهم ).
* الصدق سبب في دخول الجنة (هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات)
* الصدق هو المميز بين المؤمن والمنافق ( قال صلى الله عليه وسلم : آية المنافق ثلاث: إذا حدَث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ) .
*الصدق يهدي الى عمل الخير ( الصدق يهدي الي البر ... )
* الصادق تنزل عليه الملائكة والكاذب تنزل عليه الشياطين ، كما قال الله تعالى ( هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع وأكثرهم كاذبون ).
* الصادق هو من أكبر المصلحين الذي تعشقه القلوب وتتهافت عليه ، وتتلقى توجيهاته وتصدق مواقفه .
خطورة الكذب والنفاق.
مجتمعا تنا اليوم أصبحت مرتعا خصبا للكذب والدجل والغش والخداع وقلب الحقائق وتزوير الأصل وتزييف الوقائع وتحريف الثوابت وتغطية الحق وتلبيس الباطل وتعمية الأبصار ومداهنة الظلمة ومنافقة الفجرة ، وتسمية الأمور بغير مسمياتها ، والتدليس على الخلق ، بل تطور الكذب وشاع وذاع وبلغت الكذبة ارجاء المعمورة وإعتلت الأفاق مع الوسائل الحديثة للنقل والإتصال ، والطامة الكبري قد تبحث في الكرة الأرضية عن :
تاجر صادق
صحفي صادق
معلم صادق
رئيس صادق
إداري صادق
داعية صادق
سياسي صادق
زوج صادق
زوجة صادقة
وبعد البحث والتقصي والتعب تكون النتيجة أنك تسمع بوجودهم في المريخ او القمر لكن لا اثر لهم في الأرض ، فإن قلت أنا متشائم  ومبالغ  تعالى معي ننظر في واقعنا الأليم بصدق وإخلاص :
كل رئيس في بلادنا يقول للناس لولا أنا لمتم من الجوع والمرض
وكل أب يقول لزوجته انت الوحيدة في قلبي.
وكل تاجر يقول أجود البضاعة بضاعتي .
وكل معلم يقول أحسن الخبرات عندي.
وكل  سياسي يقول اصدق  المواقف عندي.
وكل كاتب يقول اصدق المعلومات معلوماتي.
لو كان هؤلاء المدعون صادقون في دعواهم، لنزلت علينا بركات من السماء والأرض ولا إختفي التخلف  في بلادنا ولا غادر الفقر مرابعنا وساد الأمن والأمان في وسطنا ، ولكن بما أن النتيجة هي السقوط الرهيب في مجال الأخلاق  فلا يمنك أن ننتظر الإصلاح والبعث والتغيير من جديد
( إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ) ولو أنطق الله صدقنا
لقال صدقوا في تزييفهم وكذبهم وتزوريهم وخداعهم ومواقفهم  وخبراتهم ومعلوماتهم .
أيها المؤمنون : الصدق عند  شعوب العالم فضيلة والكذب رزيلة ، وعندنا الصدق دين والكذب فجور ، فلا يجتمع في قلب مؤمن كذب وإيمان لأن أحدهما طارد للآخر. 
حتي العبادات مغشوشة
يقول الله في سورة المؤمنون ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ( اين خشوعنا ؟ ) والذين هم عن اللغو معرضون ( أين الإعراض عن أعراض الناس ؟ ) أيها المؤمن ما عليك الا انت تتأمل معني الاية  الكريمة حتي تدرك  الزيف والغش الذي نحن فيه .
والذين هم للزكاة فاعلون. والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) 
نكتفي بهذه الكلمات من هذا  الموضوع الهام ، الذي لم نتعرض فيه على  أنواع الصدق وثمراته ، ولا كيفية الثبات عليه ولا علامات الصادقين   وغيرها من المسائل التي تحتاج الى سلسلة من الخطب ، وعلى كل حال يكفي أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤثر عليه كذب قط وقال عليه الصلاة والسلام : المؤمن لا يكذب وقال بأبي هو وأمي: ( حتي الكذيبة تكتب كذيبة )
فما أقبح الكذب وما احقر صاحبه ، وما اجمل الصدق وما اعز صاحبه ، حتي لو كان فيه هلاكه . واسال الله عز وجل أن نكون من الصادقين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم / محمد جمعة أبو الرشيد

رحيق المنابر (((( 23))))


بسم الله الرحمن الرحيم
رحيق المنابر ((( 23 ))) -  الهجرة تأريخ وحضـــــارة
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه .    أما بعد .
بينما رسول الله عليه الصلاة والسلام نائم في مكة أراه الله دار هجرته ، وقد وصفها صلى الله عليه وسلم للصحابة فقال: (( قد أريت دار هجرتكم رأيت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان، فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى أرض الحبشة.. )). فكان أول الواصلين زينة الشباب ، وفتى الفتيان مصعب بن عمير ، وإبن أم مكتوم الذي تحدى إعاقته ، ونذر نفسه لنصرة دين الله ، وتبعهم عمَار ثم بلال.
أبوبكر يتجهّز والنبي يبقيه :
قال البخاري عن عائشة: (( وتجهّز أبو بكر قِبَل المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي. فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت قال: نعم. فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السدر - وهو الخبط - أربعة أشهر )).
وهنا تعرف أخي الكريم منـزلة أبي بكر الصديق رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحباً له لهجرته من دون سائر الصحابة. روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: (( لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً )).
قد يظن القارئ الذي يعشق قراءة القصص للتسلية فقط،- من غير تصور الحال آنذاك - بأنها مجرد مشهد مؤثر يمر عليه من غير أن يستفيد منه العبرة التي تكمن بين سطوره ، فلو وقفنا وقفة تأمل لدقائق في قول النبي لأبي بكرعندما تجهز للخروج من مكة فرارا بدينه : ( على رسلك .... ) يمكن أن ترد تسآؤلات  لمن قيل له ذلك.
ماذا أنتظر ؟ وكم انتظر ؟ وأين أنتظر ؟ وهل الخروج معك سوف يكون آمن ؟ وماذ لو قبضَ علىَ الكفار وأنا معك ؟  لم يقل أبوبكر – رضي اللع عنه كل ذلك بل أنظر المواقف الصديقية !!! يجهز راحلتين ، ويجند كل أفراد أسرته لخدمة وحماية الرسول – صلى الله عليه وسلم – فهذه تعدٌ الطعام ، وذاك يعلف الرواحل ، وذلك يزيل أثر الأقدام ، وتلك تحمل المياه ، وهذا يتتبع الأخبار في الأسواق ، إنها من أميز وأبرك الأسر المسلمة في التاريخ.
جمر العذاب وحب الأوطان :
وقد وصف الله ذلك أبلغ وصف حيث قال جل وعلا:  ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)
عاش - عليه الصلاة والسلام - أيام هي أشبه بمن هو جالس فوق صفيح متقد ، قلبه يكره مفارقة البلد الحرام ، ومسقط الرأس ، وبلاد الآباء والأجداد، والكفار يضيقون عليه وعلى أتباعه الخناق ، حتى وصل الأمر الى نقطة النهاية ، وأكمل الكفرة نسج خيوط المشانق ، وفرغ القتلة من حدِ السيوف ،وقررت القبائل أن تتقاسم دم نبينا الحبيب فيما بينها، وقد إجتمعوا في دار الندوة وإتخذوا القرار الآتية على حسب لغتنا المعاصرة ،عندما نقنن المظالم ،ونبدء بتنكيل الأبرياء :
1- الإعتقال الفوري والسجن والتعذيب.
2- الطرد خارج بلده وسحب الجنسية منه .
3- القتل المباشر وجعله عبرة لمن يتجرأ على هيبة الدولة .
لكن الله سبحانه وتعالى وهو ينقل لنا مباشرة مكر أعداء الإسلام ، يزرع الطمأنينة في نفس نبيه الحبيب ، ويقول له : إن مكروا للنيل منك فأنا أمكر لحفظك ورعايتك ، وإكمال الرسالة لك ( ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ).
اعلموا أيها الأخوة والأخوات أن حب الأوطان فطرة مركوزة في القلوب ولذلك لمَا أُكرِه – عليه الصلاة والسلام – لمغادرة مكة قال : ( أما و الله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله إلى الله, وأكرمه على الله ؛ و لولا أهلك أخرجوني منك ما خرجت) وأنا لست أقارن بين مكة المكرمة وباقي بلاد الله ، فهي أحب بلاد الله الى الله ، وهي أرض الحرم ومأوى الأفئدة ، وقبلة المسلمين ، وخلاف العلماء مشهور في التفاضل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وإن كان الجمهور مع تفضيل مكة المكرمة .
قال الأصمعي ( سمعت أعرباً يقول : إذا أردت أن تعرف الرجل فانظر كيف تحننه إلى أوطانه وتشوقه إلى إخوانه) فالإنسان مجبول ومفطور على حب الوطن، والإسلام لايعارض الفطرة وإنما يؤكد على أن يكون ذلك تحت رابطة  الأخوة ، والإيمان ، وقد قرن الله  سبحانه  وتعالى محبة النفس مع محبة الوطن  فقال :  ( ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلو أنفسكم أو اخرجو من دياركم مافعلوه إلا قليل منهم ) .
يقول العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمة الله ( يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من قتل النفوس والخروج من الديار لم يفعله الا قليل منهم والنادر فليحمدوا ربهم وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد ولا يشق فعلها )ويؤثر عن عمر رضي الله عنه قوله ( بحب الأوطان عمرت البلدان ) ويقول إبراهيم بن ادهم وهو من الزهاد ( ماقاسيت فيما تركت من الدنيا أشد على من مفارقة الأوطان ) ، بل قدم أصيل الغفاري قبل أن يضرب الحجاب على أزواج النبي فدخل على عائشة رضي الله عنها فقالت له: يا أصيل! كيف عهدت مكة؟ قال: عهدتها قد أخصب جنابها، وابيتضت بطحاؤها، قالت: أقم حتى يأتيك النبي فلم يلبث أن دخل النبي، فقال له: (يا أصيل! كيف عهدت مكة؟) قال: والله عهدتها قد أخصب جنابها، وابيضت بطحاؤها، وأغدق اذخرها، وأسلت ثمامها، وأمشّ سلمها، فقال: (حسبك يا أصيل لا تحزنا).
جنود قريش تتجمع لقتله وجنود الله تحيط به لحمايته :
إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم) .
- خذله قومه فنصره الله .
- ضيقوا عليه بلده الواسعة ، فوسع الله له الغار الضيق.
- غار تسكنه الأفاعي فتلدغ الصديق ، فيجعل الشفاء دعاء من لا ترد دعوته.
- يحزن صاحبه لما راى المخاطر تحيط بأشرف الخلق عليه الصلاة والسلام ، فيزيل عنه ذلك الحزن عندما يبثُ الطُمأنينة في فؤاده ، ويذكره بمعية الله للمؤمنين والمظلومين ، يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين، اللــــه ثالثهما، يا أبا بكر، لا تحزن، إن الله معنا) ، وكيف يحزن من رفيقه الله القادر المقتدر؟ ومم يخاف من معه الواحد الأحد؟ وكيف يقلق من ثالثه أرحم الراحمين؟
- تحملهم اقدامهم الى فم الغار ، فيسده الله عنهم .
- يطاردونهم في الصحراء ، فيلحق بهم سراقة بن مالك المدلفي وقد توشح بسيفه ، وإمتشق حربته ، وجهَز نبله ، فإذا رب العزة يكبه من فرسه على وجهه ، فإذا بالمُطاَرِد يطلب الأمان !! بل عرض عليهما المتاع ، وأنه سوف يكفيهم من جاء من ناحيته !! سبحان الله !!!! وصدق الله العظيم (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
- يصيبهم الجوع والعطش ، ولم يجدوا عند أم معبد شيئا ، فيفجر الله لهم ضرع الشاة اليابسة العجفاء لبنا خالصا سا ئغا للشاربين .
مكة تطارده ويثرب تنتظر انواره:
يخرج أهل يثرب كل يوم الى الحرة في وهج الشمس الحارقة ينتظرون مقدم الركب الميمون ، وأنوار النبي المعصوم ،قلوبهم تهفوا لطلعته ، وعيونهم تشتاق لتكتحل بالنظر إليه ،يتسلقون فوق النخيل ، ويعتلون فوق الروابي والهضاب ، ولحظات الإنتظار كأنها سنين ، والأوقات كانها سمرت ، والشمس كأنها ثبتت في كبد السماء ، ايدي ممدودة الى الله ، وقلوب مخبتة لجلاله ، والدموع تترقرق في العيون ، والكل تحدوه لحظات اللقاء ، فإذا بنبي الله يهل بأنواره في جنبات المدينة ، ويتسابق الكبار والصغار ، والذكر والأنثى لملاقاة الحبيب ، والسلاح يملأ الفضاء فرحا بمقدمه ، وتمتد المعاصم الى لجام ناقته ، وترحب الأفواه بضيافته ، وتتسابق القبائل للفوز به ، موكب ما شهدت الدنيا له مثيلا ، ولا عرفت الشعوب له نظيرا ، تشرفت به يثرب فاستنارت ، فإذا هي المدينة المنورة تستنير  بنور الحبيب ، وتدخل التاريخ من اوسع أبوابه ، فإن سمعت بمدينة مقدسة فهي التيجان ، وأن اعجبت بأرض فهي أعجوبة الدنيا ، وإن بحث عن راحة فهي مربط السعادة ،وإن فقدت الأمن فهي آمن أرض الله ،وإن فقدت شمائل الخير عند قوم فأهلها أرق وأعذب وأندى خلق الله ، هي عاصمة الإسلام الأولى ، ومنطلق الدعوة الكبرى ،اللهم إنا نسألك شهادة في سبيلك وموتة في مدينة نبيك .
الهجرة تاريخ وحضارة :
إختار أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام هجرته المباركة ، لتكون منطلق تاريخ الإسلام ، لأنها فرق الله بيها بين الحق والباطل ، وأعز الله الإسلام بإتمامها ، وأقام دولة الإسلام بنجاحها .
محمد جمعة ابو الرشيد .
Mja741@hotma

رحيق المنابر (((( 20))))


رحيق المنابر (((( 20))))



ولدت طفلة طيبة مباركة ، في بيت مبارك ، والدها الصديق ارق الناس خُلقاً وأطيب الناس شمائلاً ، كان الناس يحبون مجلسه ، ويسعدون بلقائه ، فكان اذا لقاك نفث فيك ضوءا من ثغره الباسم ، ولو جلس معك اشاع عليك من علمه الغزير ، نسَابة العرب، وسادة تجارها ، نشأت في بيته عائشة ، فتفتحت عيناها على هذا الكرم الفياض ، والعلم المتدفق ، والمعرفة الواعية ، والإدراك الحصيف ، فإذا هذا البيت المبارك يزداد شرفا ورفعة بالإسلام ، فلم يبق فيه صغير ولا كبير ولا ذكر ولا انثي ، الا والتحق بركب الدعوة المبارك ، وسار الأب افضل اصحاب النبي وسيدهم، وخليفتهم من بعده ، تزوجت عائشة وهي طفلة لم تقارف ذنبا ولم تهم بمعصية ، فعاشت في اطهر بيت عرفتها الدنيا ( بيت النبوة ) حتى اكتملت مداركها ، واتسعت معارفها ، فقد نهلت مما كان يتلي في بيتها من آيات الله والحكمة،


الحمد لله عالم الغيب والشهادة ،المطلع على مكنون الصدور ،وما تهم به وتفكر القلوب، سبحانه الذي لا تخفى عليه خافية ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار  ، سبحانه العالم بخلقه ، والمحيط بسلطانه ، والمريد لفعله وهو اللطيف الخبير، لا يعجزه شيئ فى الأرض ولا في السماء ، بيده ملوكت كل شيئ ، واليه يرجع الأمر ، مكور الليل والنهار ، فالق الإصباح جاعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ،امره كن فيكون ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، نواصينا بيده ، ومصائرنا بتصريفه،ماض فينا حكمه وقدره ، يحب ويرضى عن عباده المحسنين ، ويرأف ويرحم عباده العصاة والمذنبين ، فهو أرحم الراحمين ، واكرم الأكرمين ، لا رب لنا سواه ولا اله لنا غيره ، بائن عن خلقه مستو في عرشه، منزه عن النقائص ، وله صفات الكمال والجمال والعظمة ، كل نعيم الدنيا بفضله ومنه وكرمه، لانحثي ثناءا عليه هو كما اثنى على نفسه ، سبحانه جل جلاله وعز سلطانه ، ننفي عنه الشريك والمكافئ والمشابه ، ونثبت له الوحدانية ، ونخضع لأمره ، ونستسلم لسلطانه.
سبحان من لو سجدنا له بالجباه................ على قضى الشوك والمحمي من الإبر
لم نبلغ العشر من معشار نعمته ....................... ولا العشير ولا عشرا من العشر.
ونصلي ونسلم على أشرف الخلق سيدنا محمد بن عبد الله احب خلق الله الى الله ، ارسله الله بشيرا ونذيرا ، وداعيا الى الله بإذنه وسراجا منيرا ، فتح الله به آذانا صما وقلوبا غلفا ، أخرجنا الله به من الظلمات الى النور ، ونشهد انه بلغ الرسالة وادى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة ، وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، لايزيغ عنها الا كل هالك وخاسر.
أما بعد :
خطبتنا اليوم تدور حول شخصية من أهم{ الشخصيات التاريخية} والتي نالت أهميتها لحصولها على شهادة السلوك من رب الأرباب ، و شهادة التفوق والتحصيل من يد الحبيب المختار – عليه الصلاة والسلام- وكفى بالله شهيدا ،و كفى برسول الله مربيا وهاديا ومرشدا .
معنى عائشة :
مأخوذ من الغعل عاش : والعيش بمعنى الحياة ، حيث نقول : عاش فلان عيشة حسنة فهو عائش، فهذا الإسم الجميل يحمل مشاعر طيبة لحامله والمنادي به ، وفيه من الفأل الحسن والدلائل الطيبة ما تشرحُ به الصدور وتشفى به النفوس ، وهو اسم خاص بالنساء، وأبرز امرأة حملته هي :  أمنا  أم المؤمنين عائشة بنت ابي بكر الصديق رضي الله عنها وعلى ابيها، وقد حملت رضي الله عنها دلالة هذا الإسم بفأله الحسن الطيب المبارك ،وانظر الى جمال اسم عائشة ومشتقاته ، حتى ان النبي – صلى الله عليه وسلم -  فضًل اسم يعيش على مرة وحرب ، حيث قال للقحة تحلب:{ من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ فقال له الرجل مرة: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس ثم قال من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك: فقال حرب: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس ثم قال من يحلب هذه؟ فقام رجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ فقال يعيش: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احلب} ، فقد عاشت عائشة معيشة طيبة في ظلال دوحة الإسلام ، وفي بيت من خير بيوت الدنيا ، وتحت عصمة رجل هو من افضل خلق الله ،فقد عاشت سعيدة بزوجها ، وعاشت سعيدة بأهلها ، وعاشت سعيدة بعلمها ، وعاشت سعيدة بإلتزامها ، وعاشت سعيدة بزمانها ، وعاشت سعيدة بأفكارها ، وعاشت سعيدة بعقيدتها ، وقد اسعدت كل من احاط بها وعاش معها ، فقد كان النبي يرتاح ويسعد ويحب العيش والسكن والبقاء عندها ، وعندما سئل أي الناس احب اليك؟ قال : عائشة ، وحُقً لإمراةٍ نالت حبَ النبي أن تعيش عيش السعداء .
أم للمؤمنين فقط :
الأحزاب :{ قال الله تعالى :(النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ
لو كنت  يا اعمى (( البصيرة)) تعي هذه الآية الكريمة لعرفت أن ام المؤمنين عائشة هي أُمُك، وان كنت تعيها ، وتدرك معناها ، وترفض الإنصياع لكلام الله تعالى فأنت اذن رافضي( غبي ) او ماكر ( بغي )، او جهول (عيي )   وقد جهل في التاريخ الجاهلون قبلك فوجدنا فيهم من هجا امه فقال فيها :
تـنـحي فـاقعدي مـني بـعيداً      ........    أراح الله مــنـك الـعـالـمينا
ألـم  أوضـح لـك البغضاءَ مني  ........     ولـكـن  لا أخـالُـكِ تـعـقلينا
أغـربـالاً إذا اسـتُـدعت سـراً    .........  وكـانـوناً  عـلـى الـمتحدثينا
جـزاكِ  الله شـراً مـن عـجوز    ........  ولـقَّـاك الـعقوق مـن الـبنينا
حـياتكِ مـاعلمت حـياةُ سـوءٍ   .........   ومـوتُـكِ قــد يـسرُّالصالحينا
عن عائشة رضيَ اللهُ عنها، أنَّها ذُكِرَتْ عند رجلٍ، فسبَّها! فقيل له: أليست أُمَّك؟! قال: ما هي بأمّ! فبَلَغَها ذلك، فقالت: "صَدَق، إنَّما أنا أمُّ المؤمنين، وأمَّا الكافرين فلستُ لهم بأمّ". رواه الأصبهانيُّ التَّيْمِيُّ في (الحُجَّة في بيانِ المَحَجَّة).
فطرَ لسانُ حقودٍ  في شهر الصيام المنصرم على سب وقذف أمُنا أمُ المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق – رضي الله عنها وأرضاها-   فقد تطاول فيها لسانه القذر، وباح بالشر قلبه الحقود، وطفح بالسواد وجهه الكالح ، ورشح بالقيح باطنه المريض، والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا.
وجوههم من سواد الكبر عابسة ** كانما اوردوا غصبا الى النار
ليسوا كقوم اذا لاقيتهم عرضا ** مثل النجوم التى يسري بها الساري.
وقد وضع فريق من هؤلاء الأقذام عائشة على رأس قائمة سموها قائمة ( أسوء عشرة شخصيات في تاريخ الإسلام) وضموا معها في القائمة كوكبة من خيرة أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ، ورضي الله عنهم وأرضاهم
من بين نساء العالم إختارها الله بكرا لنبيه:
فقد جاء فى صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : قال صلى الله عليه وسلم : (أُرِيتُكِ في الْمَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ في سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ . فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ فَإِذَا أَنْتِ هي فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ )  وقد طبع الله حبها على قلبه الشريف، يقول ابن القيم- رحمه الله- في جلاء الأفهام: [أنَّها كانت أحبَّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنَّه لَم يتزوَّج بِكراً غيرها، وأنَّ الوحيَ كان ينزل عليه وهو في لِحافِها، وأنَّه لَمَّا نزلت عليه آيةُ التَّخيير بدأ بها، فخيَّرها، فاختارت اللهَ ورسولَه، واستنَّ بها بقيَّةُ أزواجِه، وأنَّ اللهَ برَّأها بِما رماها به أهلُ الإفك، وأنزل في عُذرِها وبراءَتِها وَحْياً يُتلَى في محاريب المسلمين وصلواتِهم إلى يوم القيامة، وشهد لها بأنَّها مِن الطيِّبات، ووعدها المغفرةَ والرِّزقَ الكريم، ومع هذه المنزلة العليَّة تتواضعُ لله وتقول: (ولَشأنِي في نفسي أهونُ مِن أن يُنزل الله فِيَّ قرآناً يُتلى)، وأنَّ أكابرَ الصحابةِ رضي الله عنهم إذا أشكل عليهم الأمرُ من الدِّين استفتَوْها، فيجِدون علمَه عندها، وأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتها، وفي يومِها، وبين سَحْرِها ونَحرِها، ودُفن في بيتِها، وأنَّ المَلَكَ أَرَى صورتَها للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوَّجها في سَرَقة حرير، فقال: (إن يكن هذا من عند الله يُمضِه)، وأنَّ الناسَ كانوا يَتحرَّونَ بهداياهم يومَها مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيُتحِفونَه بما يُحبُّ في منزلِ أحبِّ نسائه إليه رضي الله عنهم أجمعين] .
النبي يدعوا لها بمغفرة الله وانت ( يا حاقد ) تخلدها في النار!! :
تقول عائشة رضي الله عنها: "لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ النَّفْسِ, قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ الله لِي". قَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ وَمَا
أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ", فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الضَّحِكِ, فَقَالَ: "أَيَسُرُّكِ دُعَائِي؟" فَقَالَتْ: "وَمَا لِي لا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ؟" فَقَالَ: "وَاللهِ إِنَّهَا لَدَعْوَتِي لأُمَّتِي فِي كُلِّ صَلاة". أخرجه البزَّار في " مسنده وحَسَّنه الألباني في " السلسلة الصحيحة .
جبريل يسلم عليها والافآك يشتمُها:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قال صلى الله عليه وسلم يَوْماً : « يَا عَائِشَ ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ » . فَقُلْتُ : وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، تَرَى مَا لاَ أَرَى . تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وكان الوحي ينزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو في فراشها .
ما حكم من سبَ عائشة :
قال مالك بن أنس رضي الله عنه: من سبّ أبا بكر وعمر جُلِد، ومن سب عائشة قُتِلَ. قيل له: لِمَ يُقتل في عائشة؟ قال: لأن الله تعالى يقول في عائشة -رضي الله عنها-:  {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [النور]، قال مالك: فمن رماها فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قُتِلَ.
وقد عاد هذا الفاجر الحقود ( لمثله )  بل أكثر ، فإن ابن سلول وأفراخه المرضى لم يخلدوها في النار !! بل اتهموها في عرضها ، اما انت فقد اعظمت الفرية ، وضربت بقوس الخيانة ، ورفعت راية الغدر، وتألهت على الله ، ونازعت الله في سلطانه ، وجعلت مصائر الخلق- من دون الله-  بيدك الظالمة، وقمت توزع صكوك الغفران ، فتدخل هذا الجنة ، وتقحم هذا في النار !! قليل من الحياء  يبقي الإنسان في آدميته ، فاءذا ذهب الحياء ذهب الخير كله ، وما أحسب قد بقي في نفسك نذر من الحياء، وقد قال صلى الله عليه وسلم :( ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الأولى اذا لم تستح فأصنع ما شئت).
ينفي الله عن نفسه ( سبحانه ) اتخاذ الولد ، وينفي ( سبحانه ) عن عائشة تهمة الزنا .
( قالوا اتخذ اللهُ ولدا سبحانه هو الغني ) {البقرة} : سبحانهُ لا يليقُ به اتخاذ الولد فهو سبوح قدوس منزه عن الشريك والولد ، ولذلك لمَا ذكرَ اللهُ ما قاله المشركون: سبَح نفسه( سبحانه هو الغني )،    ولما ذكرَ ما قالهُ المنافقون في عائشة في حادثة الإفك: سبَح نفسه في تبرئتها من السوء، فقال : ( سبحانك هذا بهتان عظيم ).
يامن تدعون الإنتساب الى بيت الرسول !! انظروا مواقف آل بيت الرسول العظيم : كان الإمام الحسن بن زيد        ( بطبرستان: وهو اقليم يقع جنوب بحر غزوين شمال ايران حاليا ) ،وكان في مجلسه رجل فذكر السيدة عائشة بسوء فقال : يا غلام اضرب عنقه ، فقال له العلويون :
هذا رجل من شيعتنا، فقال: معاذ الله، إن هذا رجل طعن على النبي -صلى الله عليه وسلم-ألم يقل الله تعالى : {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26]، فإن كانت عائشة خبيثة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- خبيث، فهو كافر فاضربوا عنقه، فضربوا عنقه وأنا حاضر، واخوه محمد بن زيد لما سمع رجل يتكلم في عرض عائشة ضربه بعمود في رأسه فقتله ، وقال سمى هذا جدي ( قرنان)  أي لا غيرة له، ومن سمى جدي قرنان فقد استحق القتل، وربما سمي قرنان لأنه يدني رأسه للناس فيقبل بالدنية والهوان ، ورسول الله هو اعز واكرم الخلق على الإطلاق ، بل هو تيجان الشرف ولباس العز ، فداه امي وابي .
وقد حكى كثير من العلماء على كفر من اتهم عائشة بما برأها الله منه، حتى قال : ابو موسى الهاشمي ( عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن جعفر الشريف الهاشمي ) الذي نبغ واشتهر حتى سار إمام الحنابلة ببغداد في زمانه ، قال: من رمى عائشة - رضي الله عنها- بما برَّأها الله منه فقد مرق من الدين، ولم ينعقد له نكاح على مسلمة.
هذه هي عائشة : ولدت طفلة طيبة مباركة ، في بيت مبارك ، والدها الصديق ارق الناس خُلقاً وأطيب الناس شمائلاً ، كان الناس يحبون مجلسه ، ويسعدون بلقائه ، فكان اذا لقاك نفث فيك ضوءا من ثغره الباسم ، ولو جلس معك اشاع عليك من علمه الغزير ، نسَابة العرب، وسادة تجارها ، نشأت في بيته عائشة ، فتفتحت عيناها على هذا الكرم الفياض ، والعلم المتدفق ، والمعرفة الواعية ، والإدراك الحصيف ، فإذا هذا البيت المبارك يزداد شرفا ورفعة بالإسلام ، فلم يبق فيه صغير ولا كبير ولا ذكر ولا انثي ، الا والتحق بركب الدعوة المبارك ، وسار الأب افضل اصحاب النبي وسيدهم، وخليفتهم من بعده ، تزوجت عائشة وهي طفلة لم تقارف ذنبا ولم تهم بمعصية ، فعاشت في اطهر بيت عرفتها الدنيا ( بيت النبوة ) حتى اكتملت مداركها ، واتسعت معارفها ، فقد نهلت مما كان يتلي في بيتها من آيات الله والحكمة، فما خفَت على المسلمين مسالة بعد رسول الله ، ولا اشكل عليهم امر الا بادروا اليها ، فإن كان من طبائع العرب، وانسابهم، وقبائلهم، وتاريخهم ، بسطته كأنها موسوعة ضخمة ، وان كان فقها فهَمته ، وان حديثا روته ، وان خبرا قصته، وقد كان لها نصيب كبير من معرفة الطب النبوي الشريف ،فلها في كل علم نصيب ، وفي كل خير سهم ، الصوامة القوامة القانتة المتبتلة الزاهدة الورعة ، عاشت لدين الله فكرا وقولا وعملا ، هي ام المؤمنين ونعم الأم كانت ، تنصح، وتعلم، وتربي، وترشد .
مواقف يندر لها مثيلا :
1- ينزل عليها قرآن يتلى الي يوم الدين .
1- تؤثرسيدنا عمر بمدفنها بجوار رسول الله .                                                                                          3- يبعث لها  معاوية بثمانمائة الف درهم فتفرقها كلها في المساكين وهي صائمة ولم تبق منها شيئا تفطر عليه .
4- فضلها علينا بالتيسير :عن عائشة ((قالت خرجنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره حتى إذا فوتنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقدلى قالت: فأقام رسول صلى الله عليه وسلم على إلتماسه وأقام الناس وليس معهم ماء فأتى الناس أبو بكر الصديق وقالوا ألا ترى ماذا صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليــسوا على ماء وليـــس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخدى قد نام فقال: حبستِ رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ما ماء وليس معهم ماء فقالت: فعاتبنى أبى بكر وقال ماشاء الله أن يقول وجعل يطعنى بيده فى خاصرى قالت فلا يمنعنى من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخدى..
5- توفي عليه الصلاة والسلام في بيتها : لما كان فى مرضه جعل يدور فى نسائه ويقول أين أنا غدا أين أنا غدا حرصا على بيت عائشة فلما كان يومها سكن وسكن : أي لم يقل اين انا غدا ؟. 
وقالت رضى الله عنها ماتـــ رسول الله وقد اختلط ريقى بريقه
وكما ورد فى الصحيح انه استأذن أزواجه أن يمرض فى بيتها، وهي زوجته فى الآخرة .
سبب كراهية الشيعة لعائشة وحقدهم عليها :
لو تجاوزنا كل الخرافات والخزعبلات التي يذكرونها ، واغلبها يدور حول كراهية عائشة لأهل البيت ( كما يزعمون ) وليس لهم أي برهان ، ولا دليل في ذلك ، بل كلها حجج واهية وتلفيقات مفبركة، بل سمى أهل البيت بناتهم بإسم عائشة تيمنا وحبا لأم المؤمنين عائشة العفيفة الطاهرة .
اذن المتشيعة يكرهون عائشة لأنها حفظت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم توافق أهوائهم الفاسدة .
رحم الله أمنا ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، واسأل الله أن يجمعنا بها في جنات النعيم .
أخوكم / محمد جمعة ابو الرشيد .

20


جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013