مَالِي سِوَىٰ أَسْمَرَا شَأْنٌ وَلَا وَطَرُ
وَلَيْسَ عَنْ خُبْرِهَا يُغْنِينِيَ الْخَبَرُ
وَكَيْفَ أَحتَرِمُ الأَخْبَارَ تَمْنَعُنِي
وَالحِبُّ رُؤْيَتُهُ يَجْلُو بِهَا البَصَرُ؟
يَا جَنَّةً فِي الدُّنَىٰ جَاءَتْ بِلَا شَبَهٍ
كَأنَّهَا مِن جِنَانِ الخُلْدِ تَنْشَطِرُ
وَكَيْفَ لَا وَهِيَ الحَسْنَاءُ فَاتِنَةً ؟
وَلَيْسَ مَفْتُونُهَا فِي البَيْنِ يَصطَبِرُ
هِيَ الغَرَامُ الَّذِي يَصطَادُ عَن رَغَمٍ
يَا وَردَةً فِي جَنَانِ الصَّبِّ تََزْدَهِرُ
فَالْحُسْنُ فِي غَيْرِهَا تُحِيلُهُ عَدَماً
تَتِيهُ فِي شَمَمٍ وَتَنْحَنِي الْأُخَرُ
وَالْفَاتِنَاتُ يَنَلْنَ الحُسْنَ مُسْتَلَفاً
وَحُسْنُ دُرَّتِنَا أَصْلٌ وُمُدَّخَرُ
كِسَاؤُهَا حُلَلٌ خَضْرَاءُ مُدْهِشَةٌ
أَعظِمْ بِزَاهِيَةٍ لِلْحُسْنِ تَحتَكِرُ
مَا شُوهِدَتْ أَبَداً جَردَاءَ عَارِيَةً
بِلْ إِنَّهَا بِخَمِيلِ الْأَيْكِ تَدَّثِرُ
عَجِبْتُ مِنْ أَسْمَرَا تَسْبِي مَفَاتِنُهَا
وَهيَ الَّتِي كُلُّهَا بِالدَّوْحِ تَسْتَتِرُ !!
يَاوَيْحَ رَامِقِها مِن سِحرِ سَابِيَةٍ
إذْ لَيْسَ مُنْصَرِفاً لِغَيْرِهَا النَّظَرُ
والنَّاسُ فِي عِشْقِهَا أَسْرَىٰ مُصَفَّدَةٌ
لَكِن مُصَفَّدُهَا بِالأَسْرِ يَفْتَخِرُ
وَكَمْ رَأَوْا مُدُناً حَسْنَاءَ لَكِنَّهُمْ
لَمَّا رَأَوْا أَسْمَرَا مِنْ حُسْنِهَا سَكِرُوا
وَالنَّاسُ مِن سِحرِهَا الخَلَّابِ مَافَتِئُوا
وَلْهَىٰ القُلُوبِ بِهَا وَالْعِشْقُ مُسْتَعِرُ
يَقُولُ زَائِرُهَا بَعدَ الِّلقَاءِ بِهَا
مَا ضَاعَ فِي غَيْرِهَا مِنْ عُمْرِهِ هَدَرُ
أَمَّا السَّحَابُ فَمِنْ شَوْقٍ يُعَانِقُهَا
أَعْظِمْ بِمُعتَنِقٍ بِالْحُبِّ يَنْهَمِرُ
فَجِسْمُهَا مِنْ زُلَالِ الْمَاءِ مُغْتَسِلٌ
وَلَيْسَ عَن وَسخٍ بَلْ جِسْمُهَا نَضِرُ
وَكَيْفَ تَعتَلِقُ الأَوْسَاخُ فِي جَسَدٍ
يَظَلُّ مُغْتَسِلاً دَوْماً وَيَطَّهِرُ؟
وَكُلُّ ذِي سَقَمٍ لَمَّا يَمُرُّ بِهَا
تَكْسُوهُ عَافِيَةٌ وَالسَّقْمُ يَنْبَتِرُ
وَكُلُّ عَاصِمَةٍ تُبْدِي مَحَاسِنَهَا
لَمَّا تَرَىٰ أَسْمَرَا تَحنُو وَتَعتَذِرُ
يَا دُرَّةً نَذَرَ الْعُشَّاقُ رُؤْيَتَهَا
أَتَسْمَحِينَ لَهُمْ يُوفُوا بِمَا نَذَرُوا؟
هُمْ عَازِمُونَ عَلَىٰ الوِصَالِ فِي شَغَفٍ
حَتَّىٰ وَلَوْ نَالَهُمْ فِي وَصْلِكِ الْخَطَرُ