الخميس، 11 يوليو 2013

ادرك نفسك قبل الرحيل


بسم الله الرحمن الرحيم
ادرك نفسك قبل الرحيل

اللهُ - سبحانه وتعالى-  خلقنا لعبادته ، ومطلوب منا ان نكون عبيدا اذلآءَ لهُ ، فلا يسمى العبد عبدا ، الا إذا إذا خضع لسيده ، وعمل كلُّ ما يطلبه منه  سيدَهُ ، ويسعى لنيلِ رضاهُ بكل وسيلةٍ ممكنة .
فإذا وجدَ العبدُ نفسَهُ تتمرد على طاعةِ سيِّدِهِ ومَوْلاهُ فعليه ان يسعى لإرغامِهاَ على طاعةِ الله ، وانْ يُجاهِدَهاَ حتى يأْمنُ شَرَّها ، وإن كنتَ لا تعْلمْ فالنفس كلُّها شرٌ في شرِّ ، وإنْ جاهدتها واستقامت فهي كلها خير في خير ، والطامة الكُبْرى اننا ندعي خيرٌ في خيرٍ ، ونحن نعملُ عملَ الأشرارِ ، وحتى تستقيمَ لنا أنْفُسناَ في طاعته فعلينا أنْ .
أن نجاهد انفسنا ونتحمل لمرضاة الله ، ما تحمله المتحملون قبلنا ، فإنَّ الشجاعةَ صبرٌ ساعة ، صبر ساعة في تلاوة خاشعة ، وصبر ساعة في ركوع طويل ، وصبر ساعة في سجود اطول ، وصبر ساعة في ذكريحيي القلوب ،وصبر ساعة في درس يزكي النفوس ، وصبر ساعة في قيام ليل يشفي النفوس ، وصبر ساعة في تهجد يرطب القلوب والجلود ، واعلموا ( أنَّ اللهَ مع الصابرين ) فهي معية الحليم الودود ، فأصبروا معه ، وانتبهوا له ، ولا تغفلوا عنه ، فإن الإنتباهة مفيدة في الحياة ، ولن تكون بعد الموت الا انتباهة فزع وندم.
كونوا لله ومع الله كما كان له الصالحون من قبلنا ، وسوف يكون لنا كما كان لهم ، فهم والله ما وصلوا الى ما وصلوا اليه الا بعصيان نفوسهم ، وطاعة ربهم ،فكانوا ينظرون الى خويصة نفوسهم فيعاتبوها ، ويعاقبوها ، وإذا وجدوا فيها بقية من الكدر يحتاج الى تطهير اسرعوا اليها ينظفونها بالتوبة ، ويحلوها بالإستغفار، كانوا يخلصون نفوسهم بالإخلاص قبل ان يسعوا لتخليص غيرهم بالإرشاد ، وكانوا يحبون الله بأفعالهم قبل لقلقلة السنتهمْ ، كانوا يطيعون الله في الخلوات اكثر مما يطيعونه في الجلوات ، لم يكن لسانهم يتقي وقلبهم يفجر ، وباطنهم يخاف وعينهم تخون ،وأعماقهم تصمت ولسانهم ينفث ، توائموا مع نفوسهم ، فارتاحت لهم انفسُهُهم ، وأثمرت لهم  الخير ، وجلبت لهم السعادة ، حتى تمنى بعدهم ان يكون نصيبه في جنة الآخرة ما ذاقه في جنة دنياهُ.
أيها المتحجج بمشاغلك عن مجالسة مولاك ، لو ذقت طعم الإختلاء به لرابطت في بابه ، ولأفنيت حياتك في شكره ، ولما حاججته بالمعاصي ، وتباطأت بمشاغل الدنيا ، ولما وقعت في زلات الهوى ، وشرود الخواطر عن الله ،بل كنت اشد ما تكون حفظا لقلبك ، ولسعيت اليه بأرجل القلوب قبل أطراف الأقدام ، ولكنت ارضا وترابا لكلام الله يمطر فيك بقطرات الهدى، فيجرف عنك كدر المعاصي ، وينبت فيك توحيدا ، وإخلاصا ، وإنابة ، وإخباتا ، وتوكلا ، وطاعة ، وتقوى ، ومامات ابليس بخروج روحه ، ولكن مات بعصيان ربه ، فلا تكن من الأموات وانت تدب على وجه الأرض ،فسوق الكذب اسرع كسادا ،وسوق الحق مع غلاء اسعاره اشدُّ بقاءا ، فلا تصاحب نفسك وتطاوعها ان تدخل بك سوق الفجور ، وتبعد بك عن قصور زينها الله لك وهيئها بالخدم والحور .
كيف اخرج من رمضان مغفورا لي ؟
رمضان دورة تدريبية يتخرج منها المسلم إما بفلاح ونجاح ، وإما بخسارة وحسرة ، ولن ينجح في هذه الدورة الا من اعرض عن الدنيا ، واقبل الى الله بكليًّتهِ ، ومن اراد ان يخرج حب الدنيا عن قلبه ، فالينظر الى تقلبها بنا ، فهي تفرح بك ، وبقدومك ، وتزين لك الدنيا وتبهرجها لك ، وكلما نلت منها شيئا رغبتك في غيره ، وتظل ترفعك من درجة الى درجة حتى تجعل منك إنسانا ماديا لا ربانيا ، وقاسيا لا رحيما ، ومتكبرا لا متواضعا ، حتى إذا بدات تدوس بأقدامك رؤوس الأخيار ، إنكسرت بك الدنيا وحطمتك تحت اقدامها ، انظر الى من ملك الدنيا في زماننا ، وكنز منها الملايين ... أين هم ؟ تخيل وفكر في كل من نهب قوت الشعوب ! وتأمل في حالة من كان يستهزئ بالناس ! وتأمل فيمن كان يستخف بالفقراء والمساكين !
وبعد ان تفكر في حال اهل الدنيا وتقلبها بمن ملَكَها ، اقْبِل على ربك وكن له ، ولا تكن لغيره ، فالسعادة في : نية صالحة ، وعبادة صحيحة ، وعقيدة سليمة ، وخلق متين ، وفي اتباع سيد المرسلين .
أخوكم / محمد جمعة ابو الرشيد 

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013