الأربعاء، 18 مايو 2011

رحيق المنابر (((( 13))))



الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
قال الله تعالى (إِنَّ ا لْمُتَّقِينَ فِي جَنَّات وَنَعِيم فاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ا لْجَحِيمِ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُر مَصْفُوفَة وَزَوَّجْنَاهُم بِحُور عِين وَا لَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَان أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِم مِن شَيْء كُلُّ امْرِئ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ  وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَة وَلَحْم مِمَّا يَشْتَهُونَ يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْساً لاَ لَغْوٌ فِيهَا وَلاَ تَأْثِيمٌ وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ ا لْبَرُّ الرَّحِيم) سورة الطور
أيها المؤمنون قبل الشروع في الموضوع أرجوا  تأمل وتدبر هذه الآيات المباركة .
هي ليست قصة وإن كان قصص القرآن عبرة لأولى الألباب:
انها ليست قصة تحكي للتسلية، ولا خبرا قد وقع في مكان ما ينقل اليناعبر الأثير ، ولكنها آيات ربانية تحدثني وتحدثك عن الدار التي ينبغي أن نجتهد حتي نكون من سكانها ونزلائها ، فلو لم تكن تلك الدار جنة النعيم وكانت أحد فنادق الخمس النجوم العالمية لكان الحرص والتنافس للفوز فيها - فقط بشقة محترمة - أمرا مقدرا ومشكورا ، بل ربما لكان مكابدة الشدائد دونها والحصول عليها مجال فخر لطالبه ، فما بالك إن كانت تلك الدار هي الدار التي أعدها الله لنا وزينها .
وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها       ولم يك فيها منزل لك يعلم
فحي على جنات عدن فإنها            منازلنا الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل تري            نعود الى أوطاننا ونسلم ؟ !
وقد زعموا أن العدو إذا نآي             وشطت به أوطانه فهو مغرم
وأي إغتراب فوق غربتنا التي          لها أضحت الأعداء فينا تحكم.
من هم سكان الجنة وما صفاتهم ؟
من هم سكانها ؟  أهم العرب ؟ أهم العجم ؟ أهم البيض ؟ أم هم السود ؟ قد يكون  كل واحد من هؤلاء، ولكن الشرط  لدخول الجنة ليس باللون ولا الجنس ولا الطول ولا القصر ولا بالشرف والمنزلة  والمكانة، ولكن الشرط هو ( بما كنتم تعملون ) (كل امرئ بما كسب رهين)
إذن المتقي جزاءه الجنة ، فما معني المتقي ؟ المتقي : هو الذي تجنب الشيئ الذي يؤدي الي سخط الله وغضبه ، وهو ما نهاك الله عنه كبيرا كان أو صغيرا ينبغي أن تتجنبه ، فلا يكون الإنسان متقي إلا إذا جمع: الإيمان + العمل الصالح + إجتناب ما يكره الله من الشرك أو الفسق أو الذنوب والمعاصي ، ولن تستطيع أن تعرف الإيمان الصحيح والعمل الصالح من الفاسد وما يكره الله وما يحبه إلا إذا طلبت( العلم ) ولذالك يقول أهل الجنة ( إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ) ولن يتحقق للإنسان الخوف من الله إلا إذا عرف الله واسمائه وصفاته وعرف شرع الله من المأمورات والمنهيات .
جزاء المؤمن الصالح عند الله يوم القيامة :
يعطيك الله جنان وبساتين فيها ما لا عين رأت  ولا أذن سمعت  ولا  خطر على قلب بشر ، جنان وبساتين لا مثيل لها ،ويتسآل التقي وما في هذه الجنان؟ فيجيب الله تعالي ، جنان فيها ( نعيم ) تتنعم بكل ما يتنعم به الإنسان ، لو قلت لك الآن تعال تمتع:  لقلت لي وبماذا أتمتع ؟ أقول لك تأمل ما حوت الآية سوف تجد فيها  كل ما تريد وما تشتهي ، فعند الله نعيم لذيذ( مفكه) تجلب السرور والحبور  لأنها من رب العالمين(فاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ) ، ولكن قد يخاف المؤمن بأن يسحب منه هذا النعيم يوما ما؛  لا تخف أخي المؤمن فقد تكفل الله أنه بدخولك الجنة قد حرم الله عليك النار ولهيبها وعذابها ونكالها (وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ا لْجَحِيمِ) يا رب لك الحمد أنت المنعم المتفضل ، والله لو كنت جعلت نعيمنا في الدنيا فقط لشكرناك ولكن يا ربي أعطيتنا نعيم الدنيا وخلقت لنا فيها كل المخلوقات وسخرتها لنا، ثم أعددت لنا الجنة ونعيمها، فيارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
الدار ومحتوياتها :
بعدما ضمن المؤمن الدار ودخل فيها وجدها جمال لا يوصف وهذا ما يتمناه الإنسان في كل بيت يريد أن يسكنه ، ولكن البيت الجميل لا يكفي ما لم يتيسر للإنسان ما يقيم به اوده من ضرورات الحياة ومتطلباتها، وأهم هذه المتطلبات ( الطعام والشراب )   فقد ضمن الله لنا ذالك( جنات ونعيم ) وبعد وجود الدار والنعيم يحتاج الإنسان الي التسلية والتفكه وراحة النفس ( فاكهين بما آتاهم ربهم ).
إذن دار جميلة + طعام وشراب + تسلية وترفيه ، ما شاء الله نعم متتالية من الله، ولكن يظل الإنسان تطارده المخاوف فيخاف يسلب منه كل هذا النعيم ، فربنا جل في علاه يقول لك هذا النعيم لك وملكك ودائم لك ، فانت خالد فى الجنة والنعيم  دائم لك .
إكتمال الفرحة :
بعدما يضمن المؤمن الجنة ويجد فيها النعيم المقيم ويضمن إستمرار النعيم ، وتتبدد مخاوفه من انه لا موت ولا حرب ولا فقر ولا شقاء ولا تضييق في لقمة العيش ، تمتلأ نفسه بالفرحة والسرور والبهجة ، فتعلوا وجهه النضارة ويتكئ على سرر الجنة
وينغمس في نعيمها .
حاجات الإنسان العاطفية :
الإنسان مدني بطبعه فهو لا يستطيع العيش وحيدا مهما توفرت له كل الوسائل واللذائذ ، وأفضل من يؤنسه  هي الزوجة،  ( وزوجناهم بحور عين ) ومع انسه وتمتعه فى الجنة ونعيمها وحورها  وخمرها ولحمها وفاكهتها، يشتاق ليتواصل مع اهله الذين عاش معهم في الدينا ، ولكن أهل المؤمن  إما يكونوا على دينه فيدخلون معه الجنة  أو على خلاف دينه فتوقد بهم النار يوم القيامة . أيها المؤمن ، فإن ربيت أهلك على الدين الحنيف والعقيدة السليمة والأخلاق الحميدة كنت سبب سعادتهم ودخولهم الجنة وإن فرطت في ذالك فينطبق عليك قول الله تعالى ( ألا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة )
إختلاف المنازل :
قد يكون بعض أو كل أهلك من أهل الجنة، ولكن قد تختلف المنازل في الجنة على قدر الأعمال والإخلاص ، وهنا يكرم الله المؤمن فيرفع اليه أهله ( ألحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيئ )هذا فضل الله على الأبناء ببركة عمل الأباء ، وكذالك للأبناء فضل على الآباء كما قال صلى الله عليه وسلم :( إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول : يا رب أني لي هذا ؟ فيقول بإستغفار ولدك لك )
عدل الله تعالى معك أينما كنت :
فلا يعتقد أحد أن الإنسان ربما تنزل درجته في منازل الجنة بسبب قصور عمل اهله ودخولهم في أسفل الجنة ، فالله من فضله وعدله لا يهبطك إلى اسفل ولكن يكرمك برفع أهلك لك ( كل إمرئ بما كسب رهين )
طيب الصحبة ولين الجانب من سعادة المرء :
فالله سبحانه وتعالى ينزع من صدور أهل الجنة الغل والحسد والبغض والشحناء واللغو والهذيان والإثم والفحش والكذب والغش والخداع ، فالجنة ( لا لغو فيها و تأثيما ) ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلاقيلا سلاما سلاما )
الخدمات التي أعدها الله لأهل الجنة :
جنة بكل لذائذهاوخيراتها ويزيدك الله فيها  بمن يقوم في خدمتك ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) ، ويتذكر أهل الجنة الدنيا وإغوائها وزخارفها ، فيعلمون أن سبب نجاتهم كان في خشية الله تعالى (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ).
الدعاء من أسباب النجاة يوم القيامة :
يتذكر أهل الجنة في جنتهم أن من أسباب نجاتهم كان الدعاء والتضرع الى الله أن يدخلهم الجنة وها هم في ريا ضها يتقلوب وفي نعيمها يتمتعون وفي صحبة خير الناس يتسامرون ، وهم موعودون بزيارة( البر الرحيم) جل جلاله وتقدست اسماؤه .
إخواني في الله عندما قرأت بالأمس هذه الآيات هزتني هزا عنيفا بتأثيرها الذي نقلته لكم ، فإذا كان هذا حال أهل الجنة في آية واحدة في كتاب الله تعالى ، فكيف لو إستعرضنا حالهم في كل القرآن الكريم .
القرآن يشوق المؤمن للجنة الا فتشوقوا لها :
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم / محمد جمعة أبو الرشيد.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013