الأربعاء، 13 أبريل 2011

‏ رحيق المنابر (3) : اطفالنا تحت ظلال الميثاق النبوي الشريف

 محمد جمعة أبو الرشيد


7/1/2010م

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وصحبه ومن والاه . أما بعد ، قال الله تعالي :
َ(لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)
إذن قدوتنا في تربية أبنائنا هو رسول الله – صلي الله عليه وسلم – وقدوته لنا هي نظرية وتطبيقية فقد وجهنا في كثير من الأحاديث كيف يجب علينا أن نربي أبنائنا وعمليا قد ربي أبنائه وأحفاده عليه الصلاة والسلام كما ربي جيلا فريدا لم يشهد التاريخ له مثيلا.
* علمنا أن ندعوا لأطفالنا وهم نطف في الأرحام فيهنئ العروسين بالقول : (بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير ).
*عندما يحكم علي أمه بعقوبة (حدية ) تؤجل حتي تضع حملها  بل حتي تفطم وليدها ( رعاية للطفل ) مثل الغامدية التي زنت.
* إذا طلقت الحامل أوجب لها النفقة ( رعاية لحملها )  وكذالك نفقة الحضانة .
* من رعاية الإسلام بالطفل أباح للحامل الفطر إذا خافت علي ولدها .
* من عناية الإسلام بالطفل قبل أن يعاشر الرجل زوجته يسأل الله أن يجنبهما الشيطان وأن يجنب كذالك طفلها الشيطان .
* إن مات قبل الحلم جعله الله من أهل الجنة .
*أعتبر الإسلام موته شيئا مؤلما للوالدين فجعل فقده مع الإحتساب والصبر مهر لجنات النعيم .
* حمايته من الشيطان فور ولادته وذالك بأن يؤذن علي اذنه اليمني ويقام علي اليسري .
* من عناية الإسلام بالأطفال بشر الله بولادتها الأنبياء في القرآن ( إنا نبشرك بغلام ) وبشرناها بإسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب )
* من إهتمام الإسلام بصحة الطفل علمنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نحنكه بالتمر وذالك لحكم كثيرة .
* كان مع التحنيك يدعوا لهم – صلي الله عليه وسلم بالبركة .
* أوجب له نصيبه في الميراث فور ولادته فقد قال صلي الله عليه وسلم : ( لا يَرِثُ الصَّبِيُّ حَتَّى يَسْتَهِلَّ صَارِخًا ) قَالَ وَاسْتِهْلَالُهُ أَنْ يَبْكِيَ وَيَصِيحَ أَوْ يَعْطِسَ   )
* أمر بإخراج زكاة الفطر له فور ولادته .
* إذا أقيم الحد علي الأم فينبغي أن يدفع الصبي الي من يرعاه من المسلمين كما فعل عليه الصلاو والسلام مع المراة ولم يقل كما يقول بعض الجهال في زماننا: إنه إبن زنا يجب إسقاطه أو رميه !! ما ذنب الطفل ؟ لماذا نحمله خطأ ابويه ؟   ( فإن لم يجد الحاكم من يقوم برعايته فينبغي النظر في العقوبة المترتبة علي الأم ربما حتي يبلغ الطفل الحلم  ) .
* علَمنا أن نفرح بهبة الله لنا وأن نشرك في الفرحة الأهل والأقارب والجيران والأصدقاء وذالك بالعقيقة له في يوم سابعه .
* امرنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نسميه اسما حسنا وأن نجنبه الأسماء القبيحة  أو المحظورة شرعا .
* وقد رغبنا في الإعتناء بنظافته من أول أيامه وذالك بتختينه و بحلق شعره  والتصدق بوزنه .
* علمنا نبينا صلي الله عليه وسلم أن نكني بأطفالنا إكراما لهم وأن نكنيهم تحبيبا لهم يقـول أنس رضي الله عنه: كان رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم ) أحسن الناس خلقًا وكان لي أخ يقال له أبو عمير، قال: أحسبه فطيمًا، وكان إذا جاء (أي النبي) قال: يا أبا عمير... إن النداء للطفل بكنيته يرفع معنوياته، ويجعله أشد حبًّا لمعلمه ومربيه، وكلما كانت العلاقة بين الطفل ومؤدبه حسنة كانت النتائج إيجابية وسريعة وعظيمة، فلنقتد بخير الخلق محمد (صلى الله عليه وسلم ) . ولا باس عندي من أن ننادي الطفل بإسم لا عب أو مشهور يحبه مع تنبيهه أن يتجنب سلوكياته السيئة إن كان معروفا بها ( حتي لا يقلده في كل شيئ )
* كا ن - عليه الصلاة والسلام - يستأذن منهم كما فعل مرة للصبي الذي كان معهم عندما شرب قال له : تأذن لي يا فتي أن أعطي من هم أكبر منك سنا ؟ قال أما منك فلا.
* ويعلمنا عليه الصلاة والسلام الا نكثر عليهم العتاب والتكاليف يقول أنس رضي الله عنه خدمت رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي لشيئ فعلته لم فعلته ؟ ولا لشيئ لم أفعله لم لم تفعله ؟ وأرسله مرة في حاجته فوجد أنس في الطريق أترابه فأنشغل معهم فذهب النبي بنفسه فوجده يلعب فما زاد علي أن تبسم وقال : لقد أخرت حاجتنا يا فتي   
* نهي النبي – صلي الله عليه وسلم – عن إهانة الطفل بعادات الجاهلية (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ يَقُولُ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ.
 * كان صلي الله عليه وسلم يخفف الصلاة إدا سمع بكاء الصبي .
* كان يحمل أحفاده وهويصلي .
* إذا ترحله أحفاده كان عليه الصلاة والسلام يتركهما يلعبان في ظهره ولا يرفع من السجود حتي يشبعان لعبا فينزلان.
* قطع خطبة الجمعة لهم : عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه. ( تصور لو قطعت الخطبة ونزلت من المنبر لحمل إبني ورعايته ماذا كان يحدث لي ؟ اقل شيئ ارمي بالجنون والجهل والطرد من المسجد . وكيف لا أطرد!! وأطفالنا ينهرون في المساجد ويضيق عليهم الخناق ،
 ومااريد قوله من هذا الحديث هو  أن حبيبنا وقدوتنا وقرة عيوننا يعلمنا دروس في الرحمة وحب الأطفال وإلا كان ممكن أن يشير لأي مصل في المسجد فيتسابق الناس في حملهما ، ولكنه عليه الصلاة والسلام نزل بنفسه من المنبر، وتحضرني قصة أحد أعمامنا الذي كان يطلب من إبنه وقت الهجير أن ينزل من فوق البيت الذي كان يعرشه بسبب  فيح الشمس ولكن الولد كان يقول: حاضر بعد دقايق يا ابي ويستمر في العمل فما كان من الأب الا أن دخل البيت وأحضر ابن ابنه ووضعه علي الرمضاء الحارة فصرخ إبنه وقال : ابني ابني ، فقال له أبوه: هل فهمت الآن شعوري يا ولدي ؟!!!! وقد قال العرب قديما : قلبي علي ابني وقلب إبني علي الحجر  .
*  كان يعلمهم التوحيد فعن جندب بن عبد اللَّه قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا".
* جعل ثمن فداء المحارب تعليم الأطفال القراءة والكتابة وإخراجهم من دائرة الأمية .
* كان يرفض إشراكهم في الحروب ويمنعهم من ذالك وينهي عن قتلهم في المعارك حتي لو كانو ا مع العدو المقاتل .
* كان يحمل الأطفال ليعلمنا حملهم : جاءت أم قيس بنت محصن إلى رسول الله بابنٍ لها صغيرٍ لم يأكل الطعام، فحمله رسول الله _صلي الله عليه وسلم - فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه.
* كان ينتبه الي ملابسهم ويبدي إعجابه بها . كما حصل مع أم خالد رضي الله عنها قالت: أتيت رسول الله    صلى الله عليه وسلم مع أبي وأنا صغيرة، وعلي قميص أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم((سنه سنه))، أي: حسن حسن، قالت: فذهبت ألعب بخاتم النبوة على ظهر رسول الله، فزبرني أبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم((أبلي وأخلِقي، ثم أبلي وأخلقي))، فعمرت أم خالد بعد ذلك.رواهالبخاري. وأم خالد ولدت في بلدنا الحبيبة ( ارتريا – التي كانت تدخل في مسمي الحبشة قديما )  وتعلمت إحدي لهجاتنا المتداولة في ذالك المكان ، يرسل نبي الرحمة الي أبيها فيحملها أبوها الي المقام الكريم فيكسوها الحبيب بقميص مخطط بأعلام صفراء وخضراء وحمراء وكان جميلا جدا  فتهللت أساريها فرحا فإذا بالحبيب يشاركها تلك الفرحة ويتهلل وجهه ويقول لها ( سنا سنا أو سني سني كما تنطق بلغة التقري اليوم) وهي اللغة التي كانت تجيدها في ذالك الوقت كما يجيد أبناؤنا اليوم مختلف لغات العالم ،
يا حبيب الله كيف إتسع وقتك لإدخال السرور في طفلة كان يمكن أن ترسل لها الهدية وكان يكفي أن تناوله إياها بدلا أن تحلِيها بها بيديك الشريفتين ( جعلت  هذا الحديث مرة موضوع خطبة كاملة ويكفينا منه في هذا المقام هذه اللمحات البسيطة )
*وأوصي بالبنيات خاصة وكان يعاملهن معاملة خاصة ويتضح هذا من الموقف السابق وكذالك مع إبنته فاطمة التي كلما دخلت عليه قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه. وعن أنس رضي الله عنه أن رجلاًٍ كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ابن له فقبله وأجلسه على فخذه، وجاءت بنت له فأجسلها بين يديه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا سويت بينهم ؟ وجعل نصيب من علمهن وأحسن اليهن الجنة .
*وكان يوصي بالعدل بين الأبناء وقال لمن طلب منه الشهادة: " أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ " قال : لا ، قال : " فاتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم " فرجع في عطيته.
* وكا عليه الصلاة والسلام يوصي برحمتهم ويقول: ( ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا).
* كا يأمر برحمتهم والإشفاق عليهم ويبدي أمام الصحابة رحمته بهم  فعندما قبل أمام (الأقرع ابن حابس )تعجب الأقرع وقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : "من لا يرحم لا يرحم .وعندما تعجبت عائشة من تلك المرأة التي أعطتها ثلاث تمرات فأعطت البنتين التمرتان فألتقماها فنظرتا الي الأم فقسمت بينهما تمرتها فلما قصت عائشة – رضي الله عنها – قصتها الي رسول الله – صلي الله عليه وسلم قال أتعجبين من صنيعها: إن الله حرمها علي النار بتلك التمرة. 
* أيها الأخوة والأخوات ما عساي أن اقول !! سيرة هي نبراس حياتنا ومنهاج طريقنا، سيرة من أعظم السير وأنبلها وأصفاها وأحسنها وأجملها وأوسعها وأنداها والطفها وأروعها وأبهاها سيرة عم ضياؤها الأكوان وفاح عبيرها في الأفاق ، والله لو كانت هذه السيرة العطرة سيرة أحد رجالات الأمم من غيرنا لحفظوها علي ظهر قلب ولكتبوها بماء الذهب ولجعلوها ( ميثاق حقوق الأطفال في العالم ) لكنني ما ذا أقول ؟  دعني أخفف العبارة ( قصرنا قصرنا قصرنا والله قصرنا أن نعرف العالم بهذه الكنوز النبوية ).
اريتم سيرة ومنهجا تحفظ حقوق الطفل قبل ولادته وأثناء حمله وبعد ولادته تحفظ له مشاعره وخواطره وتجمِل له أسماؤه وكناه وتلزم الناس برعايته وإبعاده عن الحروب والأمراض وتنهي عن إساءة معاملته وترعي له كذالك حقوقه المادية وترعي حقوق والديه ( حيث فرضت دولة الإسلام أيام عزها نفقة لكل حامل ومرضع تتقاضاها كل شهر ) .
الطفولة في ظل دساتيرنا المعاصرة وحكوماتنا ( ..... )  ربما قصدي الرشيدة.
طفل يضرب علي وجهه ويكوي جلده ويغتصب ويتخذ سخرة وتجارة تتلوي عظامه الرقيقة تحت ثقل الأعمال الشاقة تهان كرامته وتجرح مشاعره يحمل الخناجر والرشاش ويقاتل في الصفوف الأمامية مع الجيوش تحيط به الأمية والجهل والأمراض يعيش ملايين الأطفال في جو اسري مريض عراك وشجار وسب وشتم وهجر وطلاق وخصام وملايين الأطفال مشردون في قارعة الطرقات يبحثون عن لقمة عيشهم في الزبائل والقاذورات. .وأستسمح عذرا أبناء بلدي الحبيبة لأذكرهم بواجبهم تجاه ابنائهم ، وهو ينقسمون الي ثلاثة أقسام
1-      أطفال داخل ارتريا.
2-       أطفال خارج ارتريا في معسكرات اللآجئيين .
3-      أطفال خارج أرتريا في بلاد المهاجر المختلفة . 
^^الأطفال الذين داخل الوطن قالت عنهم: قبل- خمس سنوات تقريبا- مؤسسة رعاية الطفولة ( اليونسيف ) بأن 16% منهم يعانون من سوء التغذية كأعلي نسبة سجلت في افريقيا ، وأن عدد 10% من الأطفال في ارتريا هم من الأيتام ، و أن 5% من العاهرات هم من الفئات العمرية أقل من 18 عاماً.      فيا تري ما هو الحال اليوم ؟ صحيح أننا نكره بل نحارب من يشتم أو ينتقص بلدنا ولكن أشواقنا وأحلامنا شيئ وواقعنا شيئ آخر، احلم باليوم الذي يغلق فيه معسكر( ساوا) وتنتهي كل عمليات سخرة القصر والأحداث وزجهم في جبهات القتال وحرمانهم عن التعليم وأن يتوقف نزيفهم المستمر الي خارج البلد كل يوم ، ما قابلت طفلا ارتريا هنا في بريطانيا وقص علي مغامراته المميتة الا انهمرت دموعي وإسودت الدنيا في وجهي ، ولكن يبقي الأمل المتجدد والعمل المتواصل هما شعلة الحياة الطيبة  ( ولا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم ). 
^^ اما طلاب المعسكرات الذين نبعث لهم بالتحية ونبدي إعجابنا بهم فهم يحتاجون أن نلتفت اليهم ونمد لهم يد العون فمن لهم بعد الله غيرنا ؟
^^^ أرجوا من كل اب وأم أن يجلسوا مع أبنائهم ويقرؤا عليهم سيرة الحبيب عليه الصلاة والسلام وأن يخبروهم أن رسول الله يحبهم ويوصي بهم ، وفي نفس الوقت أن يشرح لهم ظروف إخوانهم في داخل البلد وفي المعسكرات ويعلمهم الإهتمام بهم وتوفير ما تيسر من مصروفهم الأسبوعي لمساعدتهم .
إخواني وأخواتي كل المواقف السابقة التي سردتها( لنبي الإنسانية عليه أفضل الصلاو وأزكي التسليمات ) تستحق أن تكون خطبة( جمعة) بل تستحق أن تترجم  في شكل وثيقة دولية ينبغي إدخالها في المواثيق الدولية التي تنادي بحماية وحقوقه. ولنا بإذن الله إن كان في العمر بقية عودة  الي هذا الموضوع بإذن الله تعالي.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013