الجمعة، 18 نوفمبر 2011

الشيخ : محمد على زرؤوم





شموع تنير الظلام : الشيخ الداعية محمد على زرؤم
                     عمر جابر عمر
فى حياتنا تبرز من حين الى آخر شموع تنشر الفرح وتبدد الظلام الذى يحيط بالوطن والمواطنين. ولكن لأن جرعة اليأس وصلت فى نفوس الأرتريين درجة عالية فانهم لا يلتفتون الى تلك الشموع ويعتبرونها استثناء ومظاهر عابرة ستختفى مثلها مثل كل جميل فى حياتهم. ولكن الحقيقة هى ان تلك الشموع موجودة بيننا ومن حولنا وأمامنا ومن خلفنا – فى كل مجالات الأبداع والنجاح : فى الأدب والفن والرياضة والعلوم والأقتصاد والأجتماع – فقط علينا أن نضعها فى موضعها الصحيح ونحتفل بها ومعها فى كل خطوة نجاح وابداع – ذلك هو الطريق الذى نهزم به اليأس ونبدد الظلام ونجعل حياتنا ضياءا وفرحا وسعادة.
وهذه المرة نتوقف عند شخصية نذرت نفسها لنشر رسالة العلم بين الأجيال بالجهد الذاتى
والمبادرة الشجاعة والمنهجية المحسوبة – انه الشيخ محمد على زرؤم مؤسس ومدير معهد عنسبا الاسلامي بمدينة كرن - ارتريا.
ولد الشيخ فى ( وازنتت) – عنسبا عام 1931 ونشأ فى بيئة تنتشر فيها قيم وفضائل التكافل والتراحم.كان فى تكوينه العقلى والنفسى طموحا يحب العلم ويتمتع بثقة فى النفس كبيرة وذكاء فطرى دفعه للبحث عن مراكز اشعاع العلم حيث هاجر الى السودان وتنقل بين خلاوى ومعاهد الدين يدرس ويتعلم دون كلل حتى وصل الى مرحلة شعر فيها ان حصيلته تؤهله ليبدأ نشر الرسالة بين قومه. عاد الى موطنه وافتتح معهده الدينى فى ( وازنتت) عام 1962 وعمل على توسيع قدرات وطاقة استيعاب المعهد ولكن بعد مجزرة ( عونا) انتقل الى كرن حفاظا على أرواح طلبته. توسع المعهد وأصبحت هناك أقسام للبنات وأخرى للبنين
وسافر المبعوثون الى المملكة العربية السعودية والأزهر والسودان وعاد منهم من عاد ليواصل التدريس فى المعهد. تعاقبت الأجيال وتنوعت المناهج من العلوم الدينية الى الرياضيات والجغرافيا واللغات ود روس الخياطة والتدبير المنزلى -- الخ
أصبح المعهد منارة علمية فى مدينة كرن و ( مصنعا) لتأهيل أجيال شغلت مواقع ادارية وعلمية فى الدولة والخارج. العلم ليس رسالة انسانية وحضارية فحسب بل هو سلاح لمواجهة تحديات الحياة – وهذا هو ما قدمه ذلك الشيخ الجليل والرائد غير المسبوق لأبناء وبنات ارتريا.
لم تكن المسيرة كلها وردية فقد تعرض المعهد فى زمن الأحتلال الأثيوبى الى حصار ومضايقات كان يمكن أن تؤدى الى اغلاق المعهد ولكن فطنة الشيخ وحنكته جعلته يبحر بالسفينة رغم العواصف الى شاطىء الأمان. تعلم الشيخ اللغة الأمهرية حتى يتواصل ويتفاهم مع ادارة الأحتلال ويأمن شرهم ويضمن سلامة طلابه. وجاء عهد الحرية وكان من المتوقع والمفترض أن يجد الرجل تكريما من الدولة واعترافا ودعما لجهوده فى نشر العلم – ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماما. بدأت حملات التضييق والمطاردة ووصلت الى اعتقال المعلمين ليصاب المعهد بشلل نصفى ونقص فى عدد المعلمين. وحتى عندما جاء معلمون أرسلهم الأزهر رفضت الحكومة السماح لهم بالتدريس وأصبح المعهد يعتمد على متطوعين وعلى طلاب المراحل العليا لتدريس طلاب المراحل الأولية. انها رسالة متواصلة رغم كل التحديات والمصاعب ولكنها تتطلب مساهمات ودعم أبناء وبنات ارتريا فى المهجر حتى يستطيع المعهد أن يواصل رسالته النبيلة. لا بد من تقديم الدعم المالى العاجل حتى يشعر الطلاب أنهم فى أمان وأن مستقبلهم لا خوف عليه. ومن جهة ثانية فان الدعم سيمثل لمسة وفاء ووقفة تقدير لهذا الرائد الذى أنار شموعا تضىء حياتنا وتبدد الظلام عن طريق الأجيال الصاعدة – أطال الله فى عمره ومتعه بالصحة وجزاه الله كل خير لما قدم لهذا الوطن.
ومن المؤسسين لهذا المعهد السادة : ابراهيم مالك( ود مالك) – محمود بلال – برعيداى ثم تولى أبناء الشيخ المسئولية وما يزالون يواصلون المسيرة – نسأل الله أن يجزيهم خيرا ويجعله فى ميزان حسناتهم.
والى لقاء قادم مع شمعة تنير حياتنا.
منقول من موقع عركوكباي.

مقالة ( 2 )

شيخنا محمد علي زرؤوم : نبراس العلم والنور وقاهر الجهل والخرافات


شيخنا محمد علي زرؤوم : نبراس العلم والنور وقاهر الجهل والخرافات

في منتصف القرن الماضي كان المسلمون في إرتريا كغيرهم من بلدان العالم الإسلامي يعيشون في جهل عميق بأمور دينهم بل ودنياهم . فمن بين مظاهر الجهل التي كانت منتشرة ، الجهل في أمور الدين من الشركيات ناهيك من أمور البدع والخرافات . وفي خدم هذه الظلام الداهم ، ظهر في إرتريا شيوخ أجلاء مثل القاضي /موسى ، والقاضي/محمد إدريس عثمان، والقاضي/محمد إدريساي، والقاضي/أبو بكر صالح ، والشيخ محمد علي زرؤوم .
ومن بين المواقف والقصص الجليلة التي تشهد على حالة الجهل التي كانت سائدة في تلك الحقبة من الزمن، قصة شيخنا الجليل/محمد علي زرؤوم ، المعلم والمربي والداعية مع شجرة كانت يعظمها أهل منطقته .  
يحكي والدي القاضي محمد مرانت ، ويقول كنا نتعلم القرآن على يد الشيخ محمد علي زرؤم. وذات يوم رأى الشيخ أن يستأصل تلك الشجرة ، وأمرنا أن نستعد لنقضى عليها صباح اليوم الثاني . وفي صباح اليوم الثاني بعد صلاة الفجر قام جميع الطلاب بقيادة شيخهم المربي باقتلاع الشجرة من أصلها ولم يتركوا لها أثرا حيث أخفوا بقايا الشجرة ، وطمسوا معالم الحفر . وتفرق دم تلك الشجرة بين قبائل البيجوك .
فكانت ردة فعل المشعوذين والمخرفين (الذي لا يخلو أي مجتمع منهم) عنيفة ، وتوعدوا بمعاقبة الذين قاموا باقتلاعها . فحاولوا تحريض وجهاء وأعيان القرى المجاورة على معاقبة وإغلاق الخلوة القرآنية ، ولكن لم يتمكنوا للمكانة والمصداقية التي كان يتمتع بها الشيخ ، ولكون الذين شاركوا في العملية من أبناء جميع فئات المجتمع . ثم لجئوا إلى حيلة أخرى وذهبوا إلى إدارة شؤون الغابة والزراعة (في عهد إثيوبيا) ورفعوا شكوى ضد الشيخ وتلامذته واتهموهم بأنهم يقطعون أشجار الغابة .
وبناءاً على الشكوى المقدمة ، بعثت إدارة شؤون الغابة والزراعة لجنة للتحقيق حول الشكوى والتأكد من صحتها . ولكنهم لم يجدوا أثراً للقطع يستحق ذلك التهويل . وهكذا أنهى شيخنا الجليل وطلابه أمر تلك الشجرة . وانطلقت بداية عهد جديد لحركة العلم والمعرفة . وكانت ستعم البلاد لولا عهد منجستو المدمر الذي جعل الأقاليم والمدن الإرترية كنتونات معزولة عن بعضها البعض ، ثم عهد أسياس الذي غيب الشيوخ ، والمعلمين والدعاة .

الدروس والعبر
  • بالعلم والعلماء تتحرر الأمم من الجهل ، والظلم والاضطهاد .
  • الشباب هم أداة التغيير ، فطلاب شيخنا كانوا شباباً ، ومن ثم أصبحوا قادة نضال إرتريا .
  • إشراك جميع فئات المجتمع في القرار التنفيذي ينجح المشاريع . 
خواطر أبو آية مرانت.
منقولة من مدونة ( مرانت )

هناك تعليقان (2) :

  1. عبدالله نصور13 أغسطس 2013 في 2:18 م

    أولا لم بتعلم الشيخ محمدعلي اللغةالأمهرية ولكنه أدخلها ضمن مناهج المعهد ليتعلمها الطلاب وذلك في لفتة ذكية من الشيخ وأصبح المعهد يدرس مناهج تشمل اللغات العربية والإنجليزيةوبعض المواد من المناهج الحكومية مثل العلوم والرياضيات و.....الخ وأصبح المعهد من أقوي المعاهدوينافس حتي في الشهادة الثانوية الحكومية.
    أماإبراهيم مالك وبرعيداي فكانوا طلاب في المعهدومحمودبلال كان مدرساوليسوا من المؤسسين هذا للتصحيح

    ردحذف
  2. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
    اطلعت بشكل سريع على هذه المدونة الجميلة، وقرأت جزءا من المقالات والتعليقات. فقط كتصويب لتعليق الأستاذ عبد الله نصور، أقول: نعم الوالد الشيخ محمد علي زرؤم - حفظه الله ومتعنا بصحته - قد تعلم اللغة الأمهرية في بداية الثمانينات عندما فتح "الدرق" برنامج محو الأمية للكبار، فكانت الدروس - بموافقة من الشيخ - في المعهد في الفترة المسائية للجميع، ذكورا وإناثا، مسلمين ومسيحيين. وقد كنت أرى الوالد يجتهد اجتهادا عجيبا رغم ضيق وقته، كي يتقن اللغة الأمهرية، وعند إكمال الدورة الدراسية الطويلة، كان الوالد فعلا من الذين أحرزوا درجات ممتازة في الامتحان الأخير. هذا للتصويب. وجزى الله خيرا، الشيخ أبا الرشيد، والأستاذ مرانت، والأستاذ عبد الله نصور، وكل الإخوة القراء منهم والمتابعين والمهتمين بأمور المعهد وحياة الوالد الشيخ.

    د. عبد الحميد محمد علي زرؤم ( ماليزيا)

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013