سلسلة الوعي
(((3)))
الجُرحُ
والضمّاد
الكتابة
والكاتب:
الكتابة
مسؤولية، وكل شخص مسؤول عن ما خطّت يداه سواء كان أمام القرّاء أو أمام الله تعالى .
فأمام القرّاء
ينبغي أن يعلم الكاتب بأنّ سقف الكتابة يتطلب الحرّية، والجمال، والإبداع .. فما
يفعله بعض الأخوة من إفساد النص أو الأخطاء الإملائية المتعمدة، أو العبث
بالحقيقة، أوعدم الإكتراث بالنّيل من الآخرين، أو جرح مشاعرهم تعتبر تصرفات غير
مسؤولة... ومطلوب من كل كاتب أن يجتهد على الأقل حتى تكون وجهة نظره واضحة، وإذا
كان خبرا ينبغي أن يكون مكتمل الأركان .
كيف
تكتب كلاما مفيدا ؟
وهذا السؤال قد
تكون إجابته سهلة من الناحية الفنية للكتابة سواء كان صياغتا أو ترتيبا، ولكن
الأمر الصعب هو فهم قصد الكاتب، وفكره ونمط شخصيته، وظروفه التي تحيط به، وطبيعة
مشاعره التي يعبّر عنها، ونوع الأشخاص الذين يستهدفهم بالكتابة! كل هذه العوامل
يظل إدراكها غاية في الصعوبة.
نصيحة
للكاتب
١- عندما تريد الكتابة ينبغي أن تفكر
قليلا قبل الشروع في الكتابة، وتستحضر الجمهور الذي تخاطبه.. فإذا كنت مستهدف
إيصال الرسالة إلى شخص معيّن فتذكر أن رسالتك سوف تصل إلى جمهور عريض، وسوف يكون
فيهم الآلاف ممن تنطبق عليهم نفس الصفات، وبالتالي يستحسن أن تتجنب هذا النوع من
الكتابة، وإن كان ولابد فلا بأس أن تفعل كما كان يفعل نبينا -صلى الله عليه وسلم-
حيث كان يقول: ( ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ) مع أنه غالبا يكون شاهدَ بنفسه أو
بلغه التصرف، والقران الكريم عندما عاتب الذين نادوا النبي - صلى الله عليه وسلم-
من وراء حجراته بطريقة تخلوا من التوقير والإجلال اللائق به قال الله تعالى لهم:(
أكثرهم لا يعقلون ) وهكذا لن تشرد النفوس لأن كل شخص سوف يعتبر نفسه من العقلاء،
وهكذا ينبغي للكاتب أن يترك للقارئ مساحة يفلت منها من الإتهام.
٢- تجنب التعميم ... وهذه إشكالية ومعضلة
في عالم الفيسبوك! فمن الظلم عندما تغضب من شخص ما تذهب وتجلده وتجلد معه أهله
وقبيلته ومنطقته! وعندما تختلف معه فكريا تذهب وتتهمه هو وتنظيمه وجماعته بالضحالة
الفكرية والتخلف العقلي!
هذا التعميم في
الكتابة من أكثر الأمور التى تُوقر قلوب الأخرين في عالم ( وسائل التواصل الإجتماعي ) وتخلق المشاحنات
والتكتلات، ويبدء الناس يتنادى : تعالوا في واحد شتمنا ومسح بينا الأرض ! وطبعا
الرد أهوج مثل عواصف سواحل الولايات المتحدة الأمريكية ... دمّر وأقذف وأرجم...
ولما تنجلي المعركة تجد الموضوع كله لا معنى له ولا قيمة .
٣- إذا كانت الرسالة موجهة لتنظيم، أو
مؤسسة مجتمع مدني، أو عمل اغاثي ... الخ ففي هذه الحالة ينبغي أن تطلع على برنامج
الحزب وبرنامج المؤسسة ومشاريع الإغاثة فإن هذا يمنحك حكما عادلا على الغير، ولا
تكتب أبدا بقيل وقال، وسمعت وأظن وأحسب ... فإن هذا سوف يكون تصرف مضر لمن تكتب
عنه ناقدا أو مادحا، وسوف يقلل من قيمتك عند الناس .
إذا أردت أن
تعالج مشكلة معينة أيا كان نوعها فينبغي أن تضع رؤية وتصور بسيط لحل المشكلة،
وتوقع بعض التساؤلات التي قد ترد عليك من الجمهور ... أما أن تتكلم في مشكلة لا
تفقه أبعادها فهذا يجعلك أضحوكة بين الناس! كيف تزعم أنك تمتلك حلول لقضايا
تستبسطها! بينما هناك من عمالقة الفكر والتخصص يحجم عنها ويتردد في الخوض فيها !
خلاصة هذه
الفقرة : عليك ألاّ تكتب بمجرد قناعات موجودة في عقلك وتبحث لها عن أدلة تسندها،
ولكن أقحتم مجال البحث وحاول أن تتناول حقائق لا خيالات .
إذا أردت أن
تكتب عن حلول أو تخطيط لمستقبل البلد فينبغي أن يكون معني الوطن وأركانه،
ومكوناته، وخصائصه، وإمكانياته، ومكتسباته التاريخية، وعاداته وتقاليده وموارده
المتاحة معروفة عندك بقدر ما، وبالطبع لابد أن تعرف أنّ عليك واجبات تجاه هذا
الوطن كما انت تنتظر أن تنال فيه حقوقك .
ونحن الإرتريين
يعاني قطاع كبير من شبابنا المولود خارج البلد بضبابية عن كثير من خصوصيات الشعب
الإرتري فهو يحب وطنه وينطلق من أرضية هذا الحب و من الشوق الدفين الذي يداعب قلبه
ليل نهار ... ولكن للأسف يقيس بلده على بلد إقامته، والغريب حتى بعض أبناء الجيل
الأول الذي هُجِّرة قبل الإستقلال عندما يتكلم عن إرتريا فهو ينطلق مما عاشه في
قريته ومدينته ... فتجد الشخص الذي غادر إرتريا قبل أن يسمع التجرنيا، وقبل أن
يقابل مسيحي يحدثك بأن ارتريا لم يكن فيها مسيحين الا عدد قليل جدا ويتساءل من أين
جاء هولاء ؟ وهذه الحالة للأسف أشد عند بعض أبناء القرى المسيحية في المرتفعات فمن
هاجر منهم إلى اثيوبيا ثم إلى أروبا مباشرة يقول لك: في إرتريا المسلمين عندنا
قليل ... فمن المهم عندما تكتب عن إرتريا إذا كانت معلوماتك ضعيفة عن البلد فما
عليك إلا أن تحرص بالاطلاع على المكتبة الإرترية المتوفرة، وأن تستمع للكبار وتسأل
وتتابع حتى إذا تكونت عندك معرفة معقولة بإمكانك أن تكتب نقدا وتحليلا وخططا، وإذا
كتبت عن القبائل والمناطق كذلك لابد أن تجتهد في معرفة السن القبائل، ومواقعهم،
وطبيعة معيشتهم، وبطون القبائل ووجهائها، وأفخاذها، وخاصة المجتمع الإرتري متداخل
جدا فربما تعرضت على قبيلة أو فرع فكانوا أقربائك أو اصهارك.. فعندما تريد تنتقد
عادات معبنة، أومعالجة إشكالات ما فلابد أن يكون عندك معرفة معقولة بمكونات الوطن
عامة وبطون القبائل وعاداتها خاصة .
وإذا كتبت عن
الدين سواء كان الاسلامي أو المسيحي فلابد أن تكون الخارطة الذهنية في المفاهيم
الأساسية سليمة سواء كان في معاملة المعتقدات الأخرى أو الدين الإسلامي ...
فإنطلاقك المباشر من خلال كراهية ملة معينة أو دين معين من غير أن تدرك مقاصد
الشريعة وضرورياتها، وحاجياتها وتحسينياتها، وما حقه التقديم وما حقه التاخير،
ومتى تعمل بالمصالح المرسلة واعتبار العادات، ودرجات المنكر ، ودرء المفاسد وجلب
المصالح، والولاء والبراء والحب والبغض إلى غيرها من مصادر واحكام الشريعة فسوف
يكون كلامك ربما من غير علم ، أو قد يظهر الإنسان المسلم بأنه قليل البصاعة، أو قد
تترخص فيما لا يجوز الترخص فيه، أو قد تتشدد فيما ينبغي الاعتدال فيه، وفِي حالة
عدم التمكن من معرفة اساسيات العقيدة والشريعة فأعمل بكلام الله تعالى ( فسألوا
أهل الذكر إن كُنتُم لا تعلمون) .
لماذا
الجرأة في النقد ؟
تجد الإنسان
عندما يكتب مقال في صحيفة أو كتاب يكتب بمسؤولية كبيرة، وذلك لعلمه أنه سوف يحاسب
أمام الله عما يكتب، أو قد يحاسب أمام القانون عن أي خبر كاذب أو افتراء على شخص
بريئ... ولكن في عالم الفيسبوك قد يرتدي البعض قناعا من أجل بث سمومه في المجتمع
لأنه يحث على مأمن من المسائلة القانونية وبالتالي ينصرف كما يحلوا له .. ومع
الأسف كثير من الناس لا يعلمون بأن هناك أجهزة يمكن من خلالها متابعة أي حساب وكشف
صاحبه! وأيضا تجد الكثير من أصحاب هذه الحسابات معرفين عند من يتصادمون معهم ...
فتجد إذا تعرض عليك شخص بإساءة من يتطوع لك في الخاص بمعلومات مجانية عنه، ويظل
هذا الشخص يتماضى ويسيئ ويمنع الآخرين فضحه حسن أخلاقهم .
والشيء الأخير :
عندما يكتب كل واحد منّا عليه أن يعرف نمط شخصيته ... وأنماط الشخصية عديدة ومنها:
- بعض الأخوة صارمين .
- وبعض الأخوة طيب وودودين .
- وبعض الأخوة متردد.
- وبعض الأخوة عنيد.
- وبعض الأخوة ثرثار .
- وبعض الأخوة شكّاك .
وهكذا تتنوع
أنماط الشخصية وكل واحد منهم تظهر شخصيته في كتاباته وتعليقاته .
هذا البوست فقط
تناولت فيه جزء من مشاكل البوستات التي تحدث ضجة وتخلق مشكلات وكيفية التعامل معها
.. وبما أن الموضوع متشعب جدا ومهم جدا أرجوا من الأخوة والأخوات إشباعه بالمناقشة
والإضافات والنقد البناء .
في الحلقة
القادمة أحاول بإذن الله الدخول مباشرة في بقية الحلول والمهم أن نكتب ما يجمع ولا
يفرق ، وما ينفع ولا يضر .
محمد
جمعة أبو الرشيد