الاثنين، 1 أكتوبر 2018

سلسلة الوعي 4

سلسلة الوعـــــــى


(((4))))

الجُرحُ والضمّاد

كنت قد طرحت لكم في الحلقة الأولى ( المشكلة ) وفِي الثانية ( الضوابط ) وفِي الثالثة ( أسلوب الكتابة )
أما في هذه الحلقة الأخيرة سوف أتناول بإذن الله (كيفية التعامل) مع البوستات بشكل عام .

وهي مسألة إجتهادية تتفاوت فيها أفهام الناس على تفاوت أنماطهم وسلوكياتهم وقناعاتهم .

فأحيانا لا تكون المشكلة في المادة المعروضة ولكن في الأفهام المُستقبِلة! وأرجوكم يا إخوة: لا تخافوا ممّا يُكْتَبْ فإنه معروض أمامكم وتستطيعون غربلته وتدقيقه، ولكن خافوا من العوائد والقناعات التي رسخت في أذهانكم! فإن أغلب البشر يضعون عقولهم في ثلاجة العادات والقناعات التي تربوا عليها، أو التي تم تكرارها في أذهانهم حتى اصبحت عندهم حقائق لا يمكن مفارقتها! وقد واجه أكثر الأنبياء والمصلحين هذه المعضلة مع أقوامهم حيث تشبثوا بموروثات الآباء فقالوا: ( إنَّا وجدنا آباءنا على أمة وَإِنَّا على آثارهم مهتدون ) ... فالنفترض إنّ اخاً لنا كتبَ بوست عن قضية ما أيا كان نوعها ... وسوف يَطّلِعُ على هذه المادة ( 300 شخص)
فهناك من سوف يتعامل فقط مع الصورة المرفقة ، واخر مع العنوان الرئيس، وثالث يمر فقط على مضمون المادة من غير الإهتمام بالتفاصيل، ورابع يقرء المادة بإهتمام وتحليل لمضمونها ويحاول ربطها بمواد سابقة للكاتب، أو مقارنتها بما قرء في موضوع مشابه ويحاول أن يصل إلى الحبل السري الرابط بينهما.

والمشكلة عندما يقوم المخالف بقراءة المادة فيستنطقها حتى يصفي مشكلة شخصية معه!! سواء كان خلاف حزبي، أو عائلي، أو فكري! ويقوم بتشريح النص وتفصيله وتحليل مضمونه بما يوافق هواه! وخاصة لو كانت المادة تحتمل أكثر من رأي فهو يبدء مباشرة في التشويه والانتقام، وللأسف بعض هولاء يصل به الحقد على إخوانه أن يكون متحاملا عليهم !!! والمتحامل: هو الذي يحمل عليك الحقد في كل الأحوال ! فإن تبسمت قال لك لماذا تتبسم؟ وإن ضحكت لما تسخر؟ وإن بكيت لما تستعطف؟ وإن مدحت لماذا تنافق؟ وإن جاملت لما تتملق؟ وإن غضبت لماذا تتهور؟ ... وهكذا مهما فعلت فلن يرضيه أي شيء !

موجهات عامة:

١- لا تصفي حساباتك الشخصية في المجموعات العامة فهناك مجال للحوار الخاص .

٢- لا تتعامل بروح الانتقام والتشفي مهما كانت خصومتك مع غيرك فإن جمال الحياة في التصافي وجمال الإنسان في نقاء القلب .

٣- حاول أن تجد لأخيك عذرا ، وأحمل كلامه على أحسن المحامل، فإن لم تجد له محملا فقل ( لعلّهُ له عذر لا أعلمه ) ... أعلم هذا الخُلُق صعب في النفس ولكنه سلوك نادر في البشر وما يضرك أن تتخلق به ؟

٤- تجنب مجاراة الناس في التعليقات، ولا تسلم عقلك لأي إنسان مهما كانت منزلته ولكن وطِّن نفسك، وكن منصفا وعادلا في حكمك، وللأسف أخسر الناس من يملأ صحيفته بالسيئات من أجل مجاراة وإرضاء الآخرين، ومن الغباء أن تهدم علاقتك بأصدقاءك بسبب كلمة غير مقصودة أو بسبب كلمة خاطئة لم ينتبه لها كاتبها .

٥- كن عادلا ولا تفتري على خصمك الكذب فإن الكذب لا يباح أبدا سواء لتحقيق مصلحة أو الانتصار للنفس ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على الاّ تعدلوا ) أي لا تحملنّكم كراهية النَّاس على الظلم ... فكيف إذا كان من تظلمه حبيب أو قريب أو صديق أو ابن وطن ! ! .

٦- لا تعلّق على الكلام إلاّ بعد قراءته أكثر من مرّة، ومحاولة فهم قصد الكاتب، وربط الكلام بأوله، وهل هو من أهل الفضل والإحسان والمعروف؟ وهل هو من المشاكسين دائما ؟ وهل هو من ذوي الغضب دائما ؟ وهل سبق له أن كرّر هذا الكلام ؟ وياترى ما هو دافعه لهذا الكلام ؟ هل هو دفاع عن النفس أم اعتداء ؟ ... عندما تقلب الأمر في ذهنك بهذه الطريقة وأنت سليم الصدر ومحب لإخوانك وتتمنى لهم أن يحفظهم الله من الزيغ والزلل فمؤكد سوف يكون تعليقك عاقلا ومتوازنا.

٧- قبل أن تصدر الأحكام وتحمل سيفك للقتال ينبغي أن تتبين وتستفسر ... فمثلا لو قرأت كلام ظاهره سخرية واستهزاء فمن الأفضل أن تقول له: يا أخي فلان أنت قلت كذا وكذا فماذا تقصد ؟ فهنا سوف يقوم هو بتوضيح قصده ووجهة نظره، وفِي هذه الحالة لن تندم أبدا لو دافعت عن نفسك أو رددت عليه بالمثل ، وإذا كانت القضية شرعية فلا تنكر لمجرد معرفتك براي من الاراء أو قول من الأقوال ولكن اسأل عن صحة القول وحجية الدليل وقوة الراي ، ولا يكون سؤالك للإمتحان والإختبار والتعجيز ولكن للتبين والاستيضاح .

٨- عندما تقرأ كلام فيه تجريح وهجوم واستهزاء على شخص ما فينبغي أن تسلك سبيل المصلح وتبادر إلى إقناع الأخ بسحب الكلام، ولا تعمل ساعي بريد للشيطان، أو جاسوس لبث الفتنة بين النَّاس .

٩- لا تفسد خُلُقكَ بسبب الصراعات السياسية والحزبية وتقطع مع إخوانك حبال الود، ولا تخرج عن جميل السجايا فتتجرء على من هو أكبر منك سنا أو أكثر منك علما، ولكن تظل النصيحة بابا مفتوحا لكل أحد، والنقد البناء مفيدا لكل عمل ومصححا لكل خطأ، وكاشفا لكل زيف...وإلاّ تحول علقما في الحلق ونارا في القلب .

١٠- إذا رأيت شيطان البوستات يشعل الحروب في المجموعات فتعوذ بالله منه واجتهد على إطفاء ناره، وتبديد وساوسه.

إخوتي وأخواتي الأعزاء :
هناك الكثير من الخير الذي ينبغي أن نتواصى به ، وهناك الكثير من الشر الذي ينبغي أن نحذر بَعضنا منه ... ولكن حتى لا استطرد أكثر من هذا أترك لكم بقية الوصايا والملاحظات .

وأحب أن أعلمكم أنّ محلكم في سويداء القلب وبين حنايا الضلوع في اعماق الأعماق .

ولكم مني كل الحب والإحترام والتقدير بلا استثناء سواء كان من يوافقني أو يخالفني ، واعتذر من أي اخ قد أكون أخطأت عليه، أو سأت له من غير قصد .

فتسامحوا وتساموا عن الصغائر وسفاسف الأمور فإن شعبكم يعلق عليكم -بعد الله- امالا كبيرة .


محبكم / محمد جمعة أبو الرشيد

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013