متى تندلع الثورة في ارتريا ؟
الثورة - فكرة - ترتبط بواقع معين وليست مجرد أحلام عاجز ، والثورة ليست مطلوبة من اجل
الزعيق والهيجان ، وتغيير ديكورات قديمة بأخرى جديدة مع بقاء الجوهر والمضمون ،
ولا تقوم الثورات الاّ إذا راى الثائرون أن الموت اهون من الواقع القائم ، ولذلك
لا يمكن ان يثور الشعب الإرتري فقط من اجل تغييب شنب افورقي والمجيئ بوجه مليح
امرد مع بقاء المرض ينخر في الجسم .
الجانب
المسيحي اليوم متخوف جدا ومرعوب من اي تغيير قادم ، لأنه يرى قد فشل أبنائه في (
إدارة الدولة ) وبالتالي لا يمكن ان يتقبلهم الشعب مرة اخرى بنفس مستوى الهيمنة في الحكم والمال ، ولذلك
يتشبث غالبيتهم بأسياس افورقي حتى لو كان مصيبة على أرزاقهم ، وأبنائهم ، وإستقرارهم
من اجل الحفاظ على المكتسب التاريخي الذي تحقق لهم بالتحكم الكامل في مفاصل الدولة
والمجتمع .
اما
الجانب المسلم فيحمل في داخله جينات ثورية كامنة ، وإشتعال ثوري يتأجج تحت عذابات
الفشل وأثواب الهزيمة ، وهي تنتظر من يحركها من مكمنها ، وينفخ في جمرتها فالبيئة
مهيئة مثل الأرض الصالحة للإنبات حتى إذا أمطرت عليها سحائب التغيير اهتزت وربت
وأنبتت . الثورة تحتاج الى محرك لبعثها وليس شرط ان يثور الجميع لأن الخميرة
الثورية لديهم ربما لم تختمر بعد ، والمطلوب إكتمال الخميرة الثورية عند طليعة
واعية ومثقفة ، ومدركة لعوامل انتصار الثورات والحفاظ عليها من اشباه مارتن لوثر كينج ، وغاندي ، ومانديلا، وعمر
المختار، وأحمد عرابي، وعبد الكريم الخطابي ، وحامد إدريس عواتي ، او تنطلق الثورة
من خلال حالة { غضب عاصفة ) كإشعال نار الغضب في جسم بوعزيزي البياع العادي الذي
رفض إهانة ثقيلة نالت من كرامته وكبريائه ، والطرف الإرتري المسلم متوفرة فيه
الحالتان ( الخميرة الثورية ، والغضب العارم ) الاّ ان الخميرة الثورية تتصاعد
بإطراد حتى إذا إنطلقت كنست من وجه الحياة كل بذرة فساد ، وحلقت كل شنب غليظ تلون
بدماء الأبرياء ، واما الغضب العارم هي حالة هيجان تهدر كالعواصف فتقتلع الصالح
والطالح معا .
الي
اي الحالات اقرب وضع المسلمين الإرتريين ؟ اعتقد انه اقرب الى الحالة الأخيرة ،وإذا
اندلعت لن يستطيع العقلاء تهدئة تلك العواصف لأن من سينفخ فيها ويزيد اوارها هو
الطرف المتنفذ اليوم ، والذي يقف في وجه اي تغيير محتمل ! والوقود الذي سوف
يضيفونه لنار الثورة هو اتهامها بالعمالة ، والطائفية ، وبأنها ثورة الرعاع الهمج
، والرعاة المتخلفون ، والبدوا السذج وغيرها من لهيب القُعْ والبَرْبَرِي ، وما
وصف ثورة التصحيح التى قادها البطل ودحجاي
غير بعيد عنا .
من
يحاول رفض كلامي ارجوا منه ان يتمعن الإضطهاد ، والسجون ، والفساد ، والتهميش
القائم في ارتريا بعد ربع قرن من الإستقلال ، ومن يكرر علينا بأن المسلمين
الإرتريين استكانوا وانهم فقدوا اي دوافع ثورية ربما لم تلسعه نار النظام فاصبح
انينه انين المستاجر الباكي الذي لم يذق مرارة نظام افورقي .
الكل
يحلل ويتوقع ثوران الشعوب المغلوبة ، ولكن لن يتسطيع أحد على وجه الدقة معرفة الفتيل
الذي سوف يشتعل ، والا اليد التى سوف تشعلها .
النظام
الإرتري وأعوانه إما ان يتداركوا انفسهم اليوم ، او سوف تقتلعهم رياح الثورة
الهوجاء ووقتها يبقي امر الوطن والمواطن مجهولا ونسال الله السلامة والأمن والأمان
لبلدنا الحبيبة .
محمد جمعة ابو الرشيد
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق