الجمعة، 28 فبراير 2014

علماء ودعاة ومفكرون ارتريون عرفتهم ((( 3 ))) الداعية الخلوق / محمد طاهر

بسم الله الرحمن الرحيم
علماء ودعاة ومفكرون ارتريون عرفتهم
((( 3 )))
الداعية الخلوق / محمد طاهر محمود حامد مندر
ولد في قرية وازنتت الواقعة في إقليم عنسبا شمال مدينة كرن ، وهي كانت احدى أجمل القرى الإرترية آنذاك ، حيث حباها الله بطبيعة خلابة حيث تحيط بها جبال شاهقة ، ومرتفعات منخفضة متعرجة ، ويمر عليها نهر ( عندر ) الذي يتكون في منبعه من عندرين ( عندر اتنجحت ) و ( عندر شَقَالِى ) فالأول عرف بكثرة حجارته البيضاء والتى تسمى بلغة التقرايت ( إِنْجِحْ ) ، وإشتهر الثاني ( بالشَّقْلة ) وهي ثمرة معروفة تنبت في شجرة ( الشقلت ) ويسمى بالعربي التين غير الشوكي  .
 العندران يلتقيان  قبل وازنتت وينحدران الى موطن البئر الرئيس الذي تستسقي منه القرية اسمه ( سِقْسِقْ ) ومن ثم يتدفق بجانب ( مَنْبَرْ ) وهي المنطقة التى ولد فيها  الشهيد / طاهر سالم ، وهي نفس المنطقة التى أسس فيها الشيخ / محمدعلى زرؤوم معهده وخلوته ، وهي نفس المنطقة التى ولد فيها الداعية الإرتري المعروف / يسين برعيداي فك الله اسره ، ومع صفر هذه الناحية في وازنتت لكن خرج منها الكثير من المناضلين والدعاة ، والمؤسسات ، واذكر يوم كنا نترنم فيها بالقرآن في خلوة الشيخ / يسن ، ويستمر نهر عندر حتى يصب ماؤه في نهر عنسبا المعروف .
ولد الأستاذ / محمد طاهر في عام 1957 م ، من والدين كريمين ، كانت لهما مساهمتهما في خدمة الثورة ، الأم بتجهيزها وإطعامها للمقاتلين حالها حال نساء المنطقة ، والوالد بمشاركته في اللجان الشعبية ، وتعبئة الجماهير ، ونقل رسائل الثورة الى داخل المدن ، ونقل أخبارها الى الجماهير ، وقد بدء الطفل اليافع دراسة القرآن الكريم في خلوة الشيخ / محمد على زرؤوم في قريته ، وبعد تعرض وازنتت للحرق والتدمير ، تفرغ / محمد طاهر لمساعدة ابيه بحكم كونه أكبر الأبناء ، ولكن الحقه الوالد بعد سنوات بمعهد ( عنسبا الإسلامي بكرن ) ، ولما اشتدت وطئة المستعمر ، هاجر ضمن من هاجر الى السودان الشقيق .
الشيخ / محمد طاهر طالب في معهد النهضة الإسلامي بخشم القربة :

بعد وصوله للسودان وجد اغلب اصدقائه قد التحق بمحاجر القطن في حلفا ، او في حصاد الصمغ في غرب السودان ! أو عمال في المزارع المختلفة ، ولم يعجبه هذا الحال حيث كانت همته في طلب العلم ، وتوكل على الله ، والتحق بالمعهد في معسكر خشم القربة ، وواصل تعليمه بهمة ، وعزيمة ، وانكب على المعرفة ، فلم يقف امامه عامل السن ، ولا صعوبة الظروف المادية ، ولم تثنه ظروف الأسرة الصعبة ، وقد برز هناك ، وتلقى تعليما متقدما فكرا وسلوكا ، حيث كان المعهد عبارة عن بوتقة تربوية مؤثرة ضمت خيرة الدعاة الإرتريين الذين كانوا يحملون هم الدعوة ، ومع فارق السن الكبير بين الطلاب استطاع المعهد أن يخرج طلاب بمستوى علمي متميز ، وقد أثبت طلاب المعهد كفاءتهم في كل الإختبارات التى خاضوها للقبول في الثانويات ، والجامعات المختلفة ، وقد تم قبول / محمد طاهر في جامعة المدينة المنورة / كلية الشريعة ، حيث اكمل تعليمه بتفوق ، وكان كلما يرجع في الإجازات الى اسرته في ودشريفي يقوم بالدعوة الى الله ، والإهتمام بالشباب .
العودة الى البلد :
وبعد ان أكمل تعليمه الجامعي في المدينة المنورة عام 1992م كانت أمامه فرص عديدة للعمل في المملكة ، وخارجها ، ولكنه قرر العود الى بلده ، وكان يكرر دائما ( لو ان كل من تعلم رفض العودة الى بلده لظلت ارتريا من اسوء بلاد الله في العالم )  ، ولذلك عاد الى ارتريا بكل حماس ، وهمة ، وترك أبنائه في السودان حتى يرتب لهم المنزل ، وقد التحق بمعهد ( عنسبا الإسلامي بكرن ) ، وفي عام 1994 م جاءته اسرته  ولكن للأسف لم تستمر فرحته بهم طويلا.
الإختطاف والإخفاء القسري :
في ليلة من ليالي عام 1994م هجم جواسيس ومخابرات افورقي على منزل الأستاذ / طاهر واقتحموا عليه داره ، وخطفوه بالقوة ، واخذوه الى جهة غير معلومة ، لا يعرف من يومها أحي هو أم ميت  ! وقد اعتقل معه في ذلك العام المئات من العلماء والدعاة والمعلمين ، وكان حالهم كحاله ، لا يعرف لهم مكان ، ولا ما حدث فيهم !
لقد ترك الشيخ / محمد طاهر / ولدان وثلاث بنات ، وهم كأفراخ لم تنبت لها ريش ، وقد تحملت ام توفيق تربيتهم ، ورعايتهم ، وظلت طوال هذه السنوات تترقب ساعة يطل فيها الغائب من فتحة الباب ، اوصوت مبشر بعود الحبيب ، ولكن طالت المحنة ، وتكالب ظلام الليل ، والأبناء يفتقدون الأب ، ويفتقدون الرعاية ، ويفتقدون الحنان ، ويسألون ماهذا الوطن الذي غيب والدهم ، وحرمهم منه ؟ وظلت الأم تعلل الأبناء بالفرج القريب ، وان الوطن سيظل وطنا ، وان من سجن أباكم ما هو الا نظام مجرم يحارب الإسلام ، واللغة العربية ، وهذا ما ظل يهون على الأبناء ان أباهم مسجون بسبب دينه ، وتعليمه لأبناء بلده ، وقد وفق الله ام توفيق على تربية الأبناء بالرغم من الظروف الصعبة ... حيث تخرخ ابنها الكبير صيدليا ، واواصل بقية الأبناء دراستهم بنجاح ، وتزوجت احدى البنات ،وقبل عامين وجدت الأسرة فرصة لقبولها كلاجئين في احدى الدول الأروبية ، وأعتقد ان دعاء الوالد في محنته طوال هذه السنوات كانت بعد الله تعالى خير معين له بتوفيق الله تعالى .
ولم تكن هذه اول محنة للأسرة مع ( الجبهة الشعبية ) بل سبق ان إختطفت  قبل التحرير بعامين / حامد محمود مندر/ والد صاحبنا الذي نتحدث عنه ، وكان سبب إعتقاله انه كان من نشطاء جبهة التحرير الإرترية في المنطقة ، وظل على وفائه لها حتى بعد إستيلاء الجبهة الشعبية في المنطقة  ، ومنذوا ذلك الوقت لم يعرف له مكان ، وكان هذا كافيا ان لا يعود الشيخ / طاهر الى بلده ، ولكن حبه لوطنه، وهمته العالية لخدمة دينه كافيان لدفعه الى البلد مع علمه بالمصاعب ، والشدائد الذي كانت تنتظره .
أسال الله ان يفرج عنه وعن إخوانه ، وأن يردهم الى أهلهم ووظائفهم سالمين غانمين  .
محمد جمعة أبو الرشيد .

01-13-2014

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013