الاثنين، 19 مارس 2012

وفاة الشيخ محمد عبد الله حسب النبي


النصـــــر علــــى الــــــدرب
وفاة الشيخ محمد عبد الله حسب  النبي 

19 مارس 2012
 

بقلم : محمد إدريس قنادلا 

بمزيد من الأسى والحزن العميق شيَّعت جماهير غفيرة من بور تسودان  وكافة القرى  بعد ظهريوم13/2/2012م جثمان المرحوم الشيخ التقي محمد عبدالله حسب النبي عن عمر ناهز السبعين عامًا قضاها في عمل الخير والبر والتقوى ، حيث أنه هو المؤسس والراعي  لدار تحفيظ القرآن الكريم بقارورة ومؤسس معهد قارورة العلمي سابقا ومؤسس مجمع القرآن الكريم والمعهد الدين والمدرسة التكميلية ببور تسودان _ دار النعيم _ السودان  وعرف عنه صدقه وإخلاصه وإيمانه وأعماله الحسنة خدمة لأهل الدّين والمجتمع عامَّة بنور القرآن الكريم . أيّها الإخوة  الكرام :

ليس من السّهل أن ترثي شخصًا كان له ذلك الأثرُ البالغُ عليكَ، وهذا الشّخص هو  الشيخ محمد  عبد الله حسب النبي . فالنّاس كلّها تموت، إنّما الفرق الوحيد هو الطّريق والمنهج الّذي سلكه المرحوم قبل موته.

أعِدُّ لأرثيكَ عشرين عامًا من المحبّة والاحترام. فَبِأيّة كلمات أُرثيك، وبأيّة عِباراتٍ أنعيك أيُّها الشّيخ الجليل! إنّ الكلمات تعجز عن وصفكَ، والعَبَرات حتمًا لن توفيكَ قدركَ وحقّكَ. عرفناك عبر سيل كلماتك العذب الّذي لا مكانَ له سوى القلب. كُلّما جلسنا أمامك كنت تأخذُنا لنُبحرَ معك في خفايا معاني آيات القرآن الكريم . كنتَ دائمًا قريبًا علينا بملامحك، وقريبًا علينا بكلماتك الصّادقةِ وجوارحِكَ .

تعبتَ وأطلقت لقلبكَ الفيّاض العِنانَ كي تشدّنا إلى العزّ والإباء، وإلى جوّ المحبّة والإخاء. معك عرفنا كيف تكون المحبّة في الإيمان بالله، وكيف نكون صادقين مخلصين أمام الله.

كان الشيخ حسب النبي صاحبَ رؤيةٍ لخّصت رؤى زمنِهِ، وصاحبَ موقفٍ ملتزمٍ يتمثّل بالتّمسّك بأصول الدّين، صدق اللّسان، حفظ الإخوان . كانت حياتُهُ مجموعةَ حيواتٍ اتّسعت لتضمّ عدّة إنجازات، ومشاريع، كان من أبرزها تربيةُ وتوجيهُ الأبناء والأحفاد نحو الطّريق الصّحيح، وكان سرّ نجاح المرحوم هو الدّمج بين الإرادة والتّنظيم، بين الرّضى والتّسليم، بين الدّقّةِ والحساب، وبين الجرأة والمثابرة.

قامةً عاليةً كان الشيخ حسب النبي وبعلوّها كانت فوق كلّ تصنيف، قامةً فارقتنا في زمن بلا إنجازات، وبلا تجلّيات، رحلَ في الزّمنِ الجحودِ، زمنِ تشوّش الانتماءات، زمن التّخبّطات والانفلات، وتراجعِ كلّ ما صنعه الآباء والأجداد من ريادات، وإبداع وأفكار كُبريات.إنَّ حاجتَنا كبيرةٌ لأمثالِ مَنْ هذا حالُه؛ لأنّه واضحُ الفِكْرِ، بيِّنُ التوجُّهِ، ثاقبُ البصيرةِ، مستشرفُ المستقبلِ.

عندما أتاه المرض بقي كما كان مؤمنًا بربّه، صاحبَ دماثةٍ يغلّفها الفرحُ، وشهامة ممزوجة بعزّة النّفس، وظلال عينين تحمل مزيجًا من الإيمان والتّحدّي والإصرار.

وعندما فارقنا الشيخ حسب النبي منطفئًا بالمعاناة الّتي سبّبها له المرضُ الطّويلُ أحسسنا مِن حولنا بما يشبهُ الفراغ، كأنّ اشيخ محمد عبد الله حسب  النبي  قد احتلّ مكانًا عميقًا في قلوبنا، وظلّ محاورًا لنا حتّى بعد رحيله. إنّه سحرُ الحياةِ وجمالُها حتّى في لحظة الفراق، فا لشيخ لم يفارقنا إلاّ مجازيًّا.

برحيل الشيخ نفقد شيخًا جليلاً، مؤسّسًا صلبًا، ورائدًا من روّاد عصرنا، برحيله فقد المجتمع منارةً شامخة في  السودان عامة وفي شرق السودان خاصةً. لقـد حملتنـا حمـلاً ثقيـلا يا شيخنا الكريم نال الله  أن يلبسك تاج الكرامة في مقعد صدق عن مليك مقتدر.

ليس لنا مِن سلوى نُسلّي بها نفوسَنا، ونخفّف من حدّة ألمنا سوى وجود أبناء الشيخ حسب النبي  أن يسيروا على درب ونهج والدهم في الاستقامة، والأمانة، والكرم، والتّربية، وخدمة القرآن الكريم وخدمة  بلدهم ومجتمعهم.رحم الله الفقيدَ وتغمّده برحمته، وأدخله فسيحَ جنّاتهِ، وصبّر أهلَه وذويه، وإخوانَه ومُحبّيه على مرارةِ فقدهِ، وصعوبةِ رحيله.أتقدم بأحر التعازي لكل أحبابه وأهله وتلامذته في الوطنين (إرتريا ، والسودان ) وأرض المهجر وأعزي نفسي التي فقدته كأب وشيخ مرب فلقد كان الشيخ / محمد عبدا لله أخي وشيخي في آن واحد، كنت لا أمعن النظر في وجهه إجلالاً واحتراماً، أبر به ما استطعت كأبي وأعطف عليه كما لو كان الصغير من أبنائي، أستحي أن أشاركه الاتكاءة أو أن أجلس أثناء وقوفه، لأتحدث أمامه عما أعتقد أنه يخالف قناعته خشية إيذاء مشاعره.

فبهذا وغيره مما لا يحضرني ذكره بُنيت علاقتي بشيخي/ محمد عبد الله ،.كان الخبر صاعقاً والمصاب جلل، ولكنها إرادة الله الذي أوجده من عدم  فلا بد لنا من الرضا بها، لا سيما إذا استشعرنا أن ما عند الله خير له من الدنيا وما فيها إن شاء الله تعالى. ونختتم رثاءنا بقوله تعالى:( يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، اِرْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيّةً، فَادْخُلِي في عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي). إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا  ما يرضي ربنا  وإنا بفراقك يا شيخنا محمد عبد الله لمحزونون.نحسبه كذلك  والله حسيبه ولا نزكي أحدا على الله.                                                       

اللهم انزل نورا من نورك عليه .اللهم ارحم غربته وارحم شيبته اللهم نور له قبره ووسع مدخله وآنس  وحشته اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة . لا حفرة من حفر النار  اللهم  أدخله الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب. اللهم إن كان الشيخ /محمد عبد الله حسب النبي غير أهلا لوصول رحمتك فرحمتك أهلا لأن تسعه،  اللهم أطعمه من الجنة واسقه من الجنة وأره مكانه من الجنة وقل له أدخل من أي باب تشاء.  اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة . 2013